في رثاء الصديق الأديب ميخائيل عيد…أيها الشاعر…؟

by tone | 2 يناير, 2015 1:01 م

o-883[1]

تعود علاقتي بالصديق الأديب الراحل ميخائيل عيد إلى حوالي ربع القرن من الزمان , و تحديداً منذ أن كنت طالباً في جامعة دمشق في مطلع الثمانينيات , حين استهوتني أنسام الماركسية في مطلع قلقي و تجربتي , حيث عرفني به أحد الأصدقاء قي مكتبه في وكالة أنباء نوفوستي ,حيث أمامه أكوام من المقالات , يقرؤها , ينسقها , يؤرشفها , و هي الحالة نفسها التي سأجدها عليه طوال الفترة المقبلة , و عبر كامل الشريط الزماني , و إن تغّير شيء وحيد , فهو مكتبه الذي سينتقل إلى مقرّ إتحاد الكتاب العرب , ليكون عنواناً عاماً لنا , حيث يلتقي في مكتبه كل كتاب سوريا على اختلاف مشاربهم , حيث نقاط الالتقاء الكثيرة , و إن كانت الرؤى الخاصة لكل منا سوف تكون علامته الفارقة تحت سقف الوطن ….!
أكداس من الكتب , و المخطوطات , و المقالات تحت طاولته , بل و زوايا مكتبه في انتظار قراءتها , و تصويبها لغوياً، و من حوله على الدوام مثقفون و كتّاب من كل المدن السورية , بل و من خارج سوريا , أحياناً , كي يدور الحديث عن شؤون الثقافة , معاناة الكاتب , الإبداع , الترجمة , السياسة , يبدي رأيه الملفت على نحو أخّاذ في كلّ ذلك , و لعلّ ما كان يميّز أبا عياد – أنه بعكس هؤلاء الذين سرعان ما تتجهم وجوههم إذا دخل عليهم في مكتبهم ضيف غريب، مهما كان عزيزاً، خوفاً من أن يفسد عليه خلوته مع أنثى؛ يجني عسل ضحكاتها الذي لا يتكرّر , و هذا ما كان يدفع بنا على الدوام أن نلوذ به , إزاء أي شكل ثقافي أو حياتي نتعرّض له , بسبب الكلمة , أو الموقف ما دمنا قد تخيرّنا طريقاّ مختلفاّ , ليتدخل دون تردّد – ما دام أنه بتدخله يسعى كي يرفع الغبن عن زميل له , و إن كان رأيه – على الدوام – ليس حاسماً , فهناك أصوات أخرى في المقابل لها رؤيتها , و بعكس ما يراه , و غيره من رادة الخير ….
لقد وقف الصديق أبو عياد – مع أصدقاء قلّة خيّرين في مجال الصحافة والإعلام – إلى جانبي في مرات كثيرة جداً , منها عندما صدر قرار جائر بحقّي بعيد طباعتي المجموعة الشعرية الأولى (( للعشق للقبرات و المسافة )) 1986م – و لأبعد عن مجال التعليم الثانوي خمسة عشر عاماً – كذلك حينما رفض اتحاد الكتاب العرب قبولي عضواً رغم توافر الشروط المنظورة في , بسبب تقاريرمحليّة مختصة ممن أمعنوا في الإساءة إليّ حتى بعيد قبولي؛ إذ أن هناك من سعى لطيّ عضويتي , ليستمرّ هؤلاء على عملهم , حتى أثناء أحداث 12 آذار عندما اقترحوا فصلي من اتحاد الكتاب العرب أو إلحاق الأذى بي من خلال وغر الصدور ….! , حيث كان يستوعب روحي المشاكسة , كما يسميها , أنفض بعض متاعبي في حضرته إلى أن أتعرض لمواجهة جديدة …!
و إذ كنت – أعيد سبب تلك الحفاوة الاستثتائية التي ألاقيها من قبل أبي عياد إلى تلك الأرومة الرؤوية المشتركة بيننا , إلا إن مقدرته – في المقابل – على إقامة علاقات قوامها الاحترام المتبادل مع أعداد كبيرة من مثقفي الوطن – و على اختلاف رؤاهم – لدليل على أن موشورات روحه كانت تلهث في اكتشاف المشترك الإنساني عند كل من يحيط به …!
حين أتذكر أبا أياد على هذا النحو هنا , فلأنني أرثي تلك الطيبة و الإنسانية و السماح و النبل و غير ذلك من الخصائص الاستثنائية التي وجدتها في هذا الصديق الجميل ….!
أو سأتجه – عفويا ً هذه المرّة أيضا ً- صوب مكتبه إذا ذهبت إلى مبنى الاتحاد ، لأنني /كاد لا أصدّق أن أبا عياد ذا الروح الاستثنائية قد رحل …..؟!….

Endnotes:
  1. [Image]: http://kfarbou-magazine.com/wp-content/uploads/o-883.jpg

Source URL: https://kfarbou-magazine.com/issue/8387