الاثنين 1يناير 2024: هيئة التحرير وادارة موقع المجلة تبارك للجميع بحلول عام جديد متمنين لكم عاما مليئا بالخير والمحبة راجين من الله أن يعم السلام كل سورية ودمتم بخير ..  * 

جدال الآلهة

جلست الآلهة يوما تتجادل في أمور الخلق  وكان كبير الآلهة جالسا بجوارها وهو جبار صارم, في هيبته وقار لا يوصف وفي جلده لغز عظيم ,كان هرما أضناه الخلق وأتعبته الخليقة ,دائم التفكير باله الموت الذي عكر عليه صفوه وعذًب مخلوقاته,فهذا الإله جبان لا يظهر نفسه وإنما يختبىء كالخلد خلف ضعف الإنسان وشروره.

وفيما كان كبير الآلهة يتأمل في خلقه كان اله الأحياء واله المحيطات يتجادلان فيما يزعج خالقهما:

اله الأحياء:أيها الإله الحكيم لقد خلقنا الإنسان لنخلص الروح من عزلتها السرمدية وها هو الآن أسير شروره وضغائنه,خلقناه حراَ فاختار العبودية ,أعطيناه العقل فبقي جاهلاَ,نفخنا فيه روح الحياة فعبد اله الموت

اله المحيطات:أيها الإله الرحيم عليك الا تأسف على ما صنعته يداك فابن كبيرنا بشر وعلينا أن نستوعب هذه الكائنات حتى يتم ما قيل على لسانه وتأتي ساعة تكون فيها جميع هذه الكائنات مدفونة تحت مياهي

اله الأحياء:أيها الحكيم لقد ندمت على كل ما صنعت يداي من كائنات وخاصة البشر,فأفضل مصير لها لو أنها لم تخلق لقد تعبت من إيجاد الطريقة التي بها يخلًصون  :اجترحت لهم الأعاجيب والمعجزات وقالوا إنها شعوذة أهديتهم إلى طريق الخلاص فضلوا الطريق أعطيتهم مفاتيح الملكوت فدنسوه,لقد حكم اله الموت نفوسهم وأغواهم بشروره حتى دنسوا نفوسهم الطاهرة

اله المحيطات:أيها الإله الرحيم لقد أغواهم اله الموت بشروره وعلى رأسها الطمع فقد رأيت إحدى الضفادع وهي تعيش في اكبر المحيطات ترغب بأن تبتلع المحيط كله

اله الأحياء :هذا صحيح أيها الحكيم فالطمع هو أصل الشرور وأساس ماهيتها, فيما مضى طمع الإنسان بمعرفة كل شيء ففقد أزليته وها هو الآن يطمع بأخذ كل شيء فيفقد إنسانيته,فلو طمع المخلص بالحياة لما صلب ,فلا يأتي الطمع إلا من رجاسة النفس وشرورها فالقلب الصالح منبت الوحي والعقل الرزين مسكن الضمير

اله المحيطات:إن انجح مخلوقاتك أيها الرحيم هي الذباب فهو يطمع بأكل القمامة وكل ما هو قذر وينقل الأمراض للشرهين القذرين من أبناء البشر.

وهنا يُسمع هدير وصوت عظيم شبه رعد وبرق وأصوات كثيرة وإذ باله الرياح قادما من بعيد في يده اليمنى صولجان كبير وفي اليسرى قلب اله الموت مناديا اله الأحياء :

أيها الإله الرحيم  أقسم بهرم كبير الآلهة وقدس أقداسه إن ما يشغل بالك لا يستحق أن يذكر فهؤلاء الطامعون وسيدهم ليسوا إلا من الحاقدين الجاحدين بأنفسهم لقد ظنوا أن بامتلاء خزائنهم شبع لنفوسهم الجائعة وأن طمعهم بحياتهم الفانية خلود لغرائزهم لقد ضاعت عقولهم في سراديب الفناء وسيغرقون يوما في متاهات الإيمان وستلفظهم المعرفة إلى ضفاف مجهولة يندمون فيها على مصيرهم البائس,وان كانت الحياة تستوعبهم اليوم فالغد كفيل بنسيانهم

هدئْ من روعك أيها الإله الرحيم ففي البشرية خير لم يولد بعد وفي الناس سرائر لم تتفتح بعد

فلو أردت وها هو الإله الحكيم يوافقني الرأي أضرمنا البرق والرعد وهيجنا الأعاصير والرياح العتيدة وامتنا كل مخلوق يكفر بوجودك.

فاضطرب قلب اله الأحياء وخاف على مصير مخلوقاته لان ابن كبير الآلهة بشر, فهو اله رحيم رؤوف على مخلوقاته يؤمن بالتوبة حتى ولو بعد حين على عكس اله الرياح فهو شديد البأس قوي المراس ينزع إلى إعادة خلق الطبيعة من جديد

أما اله المحيطات المعروف بحكمته تمتم في سره قائلا إن تلك البطون الخاوية التي عبرت محيطاتي هي سبب كل هذه المشكلة

وفي الضفة الأخرى رأيت ملاكين يتمشيان بعيدا لعلهما انصتا السمع إلى الجدال الدائر بين الآلهة وقال أحدهما للآخر: من خلق هذه الآلهة ؟فأجاب الآخر:لعله ذلك الطفل الذي لم يولد بعد.

التعليقات: 1

  • يقول ليون الجمال:

    لماذادائما نلقي اللوم على البشر مع العلم بأن الآلهة هي من خلقت البشر وعقولهم الطماعة وافكارهم الشريرة لماذا لم يصنعوه او يخلقوه بدون افكار او افكار صالحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *