الاثنين 1يناير 2024: هيئة التحرير وادارة موقع المجلة تبارك للجميع بحلول عام جديد متمنين لكم عاما مليئا بالخير والمحبة راجين من الله أن يعم السلام كل سورية ودمتم بخير ..  * 

أضواء على كتاب‮: ‬توظيف التراث في‮ ‬المسرح العربي

في‮ ‬كتابه‮ (‬توظيف التراث في‮ ‬المسرح العربي‮) ‬يشير الكاتب‮ ‬يحيي‮ ‬البشتاوي‮ ‬إلي‮ ‬ارتباط إشكالية تأصيل الخطاب المسرحي‮ ‬العربي‮ ‬في‮ ‬أذهان الكثيرين‮ ‬من المسرحيّين العرب بالتراث،‮ ‬وإلي‮ ‬بروز ثنائية الأصالة والمعاصرة،‮ ‬باعتبارهما‮ ‬يحققان الوحدة الباطنية العضوية التي‮ ‬تعبر عن الرؤية المعاصرة للتراث،والتي‮ ‬تفرض التعامل معه كموقف

وحركة مستمرة من شأنها المساهمة في‮ ‬تطوير التاريخ وتغييره نحو القيم المثلي،‮ ‬والمساهمة في‮ ‬استشراف المستقبل،‮ ‬بدلا‮ ‬من أن تقتصر النظرة إليه علي‮ ‬أنه مجرد مادة خام تنتمي‮ ‬إلي‮ ‬الماضي‮ ‬الذي‮ ‬انتهت وظيفته وبات من الافضل عدم العودة إليه من جديد‮.‬ ومن هذا‮ ‬يشير البشتاوي‮ ‬إلي‮ ‬ضرورة أن‮ ‬يعود‮ ‬للمسرح دوره المهم علي‮ ‬الساحة العربية،‮ ‬بعيداً‮ ‬عن الأستسلام‮ ‬للأشكال الأوروبية التي‮ ‬فرضت نفسها علي‮ ‬مسارحنا العربية‮ ‬،‮ ‬ويؤكد في‮ ‬السياق ذاته‮ ‬أن عملية توظيف التراث في‮ ‬الفن المسرحي‮ ‬تتطلب الانفتاح علي‮ ‬الآخر بوعي‮ ‬واستيعاب‮ ‬،‮ ‬في‮ ‬محاولة جادة للاستفادة من كل إنجازاته التي‮ ‬تحققت علي‮ ‬أرض الواقع‮ ‬،ليسهل بعدها البدء في‮ ‬تحقيق التقدم الأدبي‮ ‬والعلمي‮ ‬الذي‮ ‬يصب في‮ ‬مصلحة بناء المجتمع الواعي‮ ‬الذي‮ ‬يقوم علي‮ ‬الأخلاق والقيــــم السامية‮.‬ وبما أن التراث‮ ‬كما‮ ‬يؤكد الكاتب هو نتاج الثقافة المدونة والمنقولة والشفاهية،‮ ‬وهومن‮ ‬يشكل مجموع التكوينات المميزة للشعب العربي،‮ ‬فإن ذلك‮ ‬يؤهله لتقديم البديل الحقيقي‮ ‬لغيـــاب الفعل المسرحي،‮ ‬خاصة وأنه‮ ‬يحمل طابعاً‮ ‬خاصا،مما‮ ‬يجعل من‮ ‬استلهامه،‮ ‬أمرا‮ ‬لابد أن‮ ‬يؤدي‮ ‬في‮ ‬نهاية المطاف‮ ‬إلي‮ ‬إثراء أي‮ ‬عمل عربي‮ ‬يهدف الي‮ ‬تأصيل الهوية العربية‮ .‬ ومما سبق‮ ‬ينطلق‮ ‬المؤلف ليحدد المصطلحات وأبعادها،‮ ‬فاصلا في‮ ‬الحديث عن التراث بين الأصالة والمعاصرة،‮ ‬كما‮ ‬يتحدث بإسهاب عن الجانب التنظيري‮ ‬لتوظيف التراث في‮ ‬المسرح العربي‮ ‬متناولا و بشكل تطبيقي‮ ‬إجرائي‮ ‬توظيف التراث في‮ ‬الأدب المسرحي‮ ‬العربي‮ ‬كما‮ ‬يتطرق إلي‮ ‬توظيف التراث في‮ ‬الأدب المسرحي‮ ‬لعدد من الدول العربية ومنها مصر وسوريا وفلسطين والإمارات‮ .‬ ‮. ‬كما نتعرف ومن خلال‮ ‬هذه المطبوعة المسرحية الجديدة‮ ‬إلي‮ ‬الكيفية التي‮ ‬تم بها توظيف التراث في‮ ‬العروض المسرحية العربية،‮ ‬وقد خص الكاتب‮ ‬بالتحليل والمناقشة توظيف التراث في‮ ‬عروض فرقة مسرح الحكواتي‮ ‬اللبناني،‮ ‬وعروض فرقة مسرح الحكواتي‮ ‬الفلسطيني،‮ ‬وعروض جماعة المسرح الاحتفالي،‮ ‬وفي‮ ‬مسرحيات قاسم محمد وغنام‮ ‬غنام‮.‬ يتوقف‮ ‬الكاتب‮ ‬والكتاب أيضا أمام تنوع مصادر التراث وتوزّعها بين الأساطير،‮ ‬الأحلام،‮ ‬السحر والكهانة والجنون إلي‮ ‬جانب الفنون القولية‮ ‬غير المكتوبة من شعر ونثر وحكايات وملاحم وسير شعبية،‮ ‬وغيرها،‮ ‬كما‮ ‬يستشهد بآراء المفكر الراحل محمد عابد الجابري‮ ‬وغيره من المفكرين والباحثين الذين قاربوا التراث برؤي‮ ‬حداثية معاصرة كانت مقبولة من المتابعين والمهتمين بالحركة المسرحية في‮ ‬الوطن العربي‮ .‬ ولايغفل البشتاوي‮ ‬التأكيد علي‮ ‬أن الجدل الفاعل‮ ‬يستلزم أن ننظر إلي‮ ‬التراث بوصفه نصوصاً‮ ‬لا قداسة لها علي‮ ‬الإطلاق،‮ ‬لا بوصفه حقائق مطلقة ونهائية بالإمكان أن تشكل معيارا‮ ‬يوجه السلوك الإنساني،‮ ‬لأنه‮ ‬يري‮ ‬أن هناك اشتباكا وحضورا متبادلا للتراث والآخر في‮ ‬وعي‮ ‬الذات العربية القارئة،‮ ‬لتصبح كل قراءة للتراث هي‮ ‬قراءة للآخر في‮ ‬ذات الوقت،‮ ‬وكل قراءة للآخر قراءة للتراث،‮ ‬كما‮ ‬ينوه إلي‮ ‬أن‮ ‬غياب الجدل الفاعل مع التراث والآخر،‮ ‬أو فقدان الذات العربيّة لفاعليتها،‮ ‬هو ما‮ ‬يجعل الإنسان العربي‮ ‬يلجأ إلي‮ ‬الاحتماء بالتراث‮.‬ يتحدث المؤلف كذلك عن تنبه رواد المسرح العربي،‮ ‬من أمثال مارون النقاش وأحمد أبو خليل القباني،‮ ‬إلي‮ ‬غربة الشكل المسرحي‮ ‬الغربي‮ ‬وابتعاده عن الواقع العربي،‮ ‬فكان التراث مصدر الإلهام لكونه‮ ‬يحقق القدرة علي‮ ‬حماية مقومات الأّمة وهويتها،‮ ‬ولأن الالتجاء إلي‮ ‬التاريخ‮ – ‬وكما‮ ‬يؤكد أيضا‮ – ‬يأتي‮ ‬لاستيحاء بطولاته وأمجاده‮.‬ يعكس نوعا من التحدي‮ ‬والمواجهة الضمنية،‮ ‬لاستنهاض الهمم وبث الحماسة،‮ ‬ثم‮ ‬ينطلق من هذا المنعطف‮ ‬ليؤكد أن توظيف المبدعين المسرحين للتراث‮ ‬يعني‮ ‬توظيف معطياته بطريقة فنية إيحائية ورمزية،‮ ‬تهدف لخدمة الحاضر والمستقبل‮. ‬ الهامي‮ ‬سمير‮ ‬ ‮ ‬ معلومات أضافية • اسم الكتاب: توظيف التراث في‮ ‬المسرح العربي • المؤلف: يحي البشتاوي • الناشر: منشور في جريدة مسرحنا العدد رقم٢٢٦

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *