الاثنين 1يناير 2024: هيئة التحرير وادارة موقع المجلة تبارك للجميع بحلول عام جديد متمنين لكم عاما مليئا بالخير والمحبة راجين من الله أن يعم السلام كل سورية ودمتم بخير ..  * 

حماه و الباعة فيها ومناداتهم قديما :

10952370_762575720493327_18546566_n

 – 1 – لحماه مدينة أبي الفداء , مدينة النواعير جمالها وسحرها الخاص الذي يفتن الألباب ويسحر العقول وذلك بما حباها الله من موقع جغرافي متميز ونهر جميل يجري

في واديها , وإنسان عظيم كان رائعا في ابتكاره النواعير آلات لا تحتاج لطاقة خارجية ترفع الماء عن عاصيها وتبدو للناظر أفلاكاً خشبية ما زالت تدور تناطح الزمن في تحد تنشد الخلود والبقاء , على أن نعيرها حين يصدح وبخاصة في سكون الليل يؤول إلى أسماعك سيمفونية حزينة أين منها روائع بيتهوفن أو موسيقى شوبان الجنائزية , لقد باتت هذه الأصوات تسكن في آذان وقلوب سكان حماه وبخاصة حين كانت الأحياء القديمة في تشكيلاتها قريبة من القلعة تلتف حولها التفاف الصغار حول أمهم , ومن ظريف القول أن سكان حي الطوافرة الأثري والذي ما زال قائما وهو القريب من ساحة العاصي وحيث ناعورة المأمورية التي تتناغم مع أختها في ثرثرة لا تنتهي وهي المقابلة لها عند أقدام حديقة أم الحسن ناعورة الجسرية وعلى امتداد الحي وحوض العاصي حيث يعلوه جسر الكيلانية وتطل علية آبدة جامع النوري وحمام السلطان والحي الأثري العريق حارة الكيلانية التي مازالت عيون حماه تبكي خرابه بكاء ناعورة الكيلانية والجعبرية والصاهونية , كان سكان حي الكيلانية والطوافرة لا ينامون إذا صدف وتعطلت إحدى نواعير تلك المجموعة التي ذكرناها فكأنما نقصت معزوفة النواعير في روعه لحنها صوت آلة فنشز اللحن فتراهم يسارعون لإصلاح الناعورة المعطوبة .. – 2 – على أن حديثنا اليوم ليس عن النواعير وعن موسيقاها إنما أحب أن أشير في هذا المقال أن أبناء حماه وساكنيها أينما اتجهوا أو ساروا يحيطهم الجمال مسكوبا على الآذان بأصوات النواعير ومرسوما على العيون بمناظر جميلة من الطبيعة والآثار فتكتمل الصورة الرائعة رسما وصوتا فكأ ني به موسيقى تصويرية , ومن يدقق النظر والسمع في مفردات الحياة اليومية لهذه المدينة يأخذه العجب حتى بأصوات الباعة فيها سواء أكانوا كادحين يجرون عرباتهم يتجولون أو يسوقون الحمار او البغل محملا أو أمام بسطاتهم في الشارع أو محلاتهم في الأسواق وتسمعهم كيف يدللون على بضائعهم لبيعها فخذ مثلا في الخضار أحدهم ينادي على بيع “الباذنجان ” فتسمعه يصيح وبترنيمة طريفة “باتنجان أبو العيال كيف مادرتو بيندار ” وحقا يطبخ الباتنجان في عدة ألوان من الطعام أولها الطبق الحموي الشهير “الباطرش” ثم المحاشي والمقلوبة وال..وال..ثم لاحظ عبارة ملازمة ابو العيال للباتنجان انه أيضا ينجد الفقير في طبخات كثيرة أولها القلي وبجانبه السلطة ..عبقري هذا المنادي وخذ أيضا بائع الدراق وتشتهر به حماه ينادي “نصب الملك يا راية ” يدلل إن تلك الفاكهة أكل الملوك وهم من زرعوها والمشمش الحموي الشهير “شكر يرا يا لوزي”وبائع الملوخية “حرير يا ملوخيه يدلل انها طرية الورق , ثم بائع الخيار “أاصابيع البو بو ياخيار ” فهي دقيقة صغيرة في قياسها قياس اصابع الطفل الوليد , او بائع الصبار “الأرامل ما صبروا صبرك يا صبار ” الا ترى معي انها لوحة رائعة في معانيها ؟ وبائع البامياء “زيتونية يا بامه دقيقة الحبة كالزيتون و..و.. مناداة في الفاكهة والخضروات تطول ولا تنتهي .. كنت تسمع حتى في بداية الربيع وروعه جمال حماه في ربيعها ومهرجانه البديع فترى الأغنام تتوالد والحليب يكثر ومعه خيرات الأجبان والألبان التي تشتهر بها حماه في سائر البلاد مع السمن الحموي البلدي ..وترى شابا يحمل خروف “طلي” صغير السن لحمه طري وينادي “وين اللي بدو يصالح حماتو” فدقق في ظرافة المعنى وليمة لحم طري تمهيدا لصلح مع الحماة صورة فيها كرم وعمق معنى اجتماعي , وترى بائع الفروة في الشتاء يضعها على كتفه وينادي , وترى بائع …وبائع …لوحات لا تنتهي في المجتمع الحموي ..وكم تتداخل أصوات البائعة في سوق الطويل في كرنفال الألوان من بدائع بيع القماش والصرامي الحمر والشواريخ المدلاة بخيطان مربوطة عند باعتها كجدايل شعر البنات , وقرقعات الطاسات الصفر بيد السواس وينادي “خمير يا سوس ” أو بائع اللبن البارد “عيران لبن بارد ..بارد ” وبائع التمر هندي “لله الأمر يا تمر” , ..و..بل كان حتى إيقاع مناداة “عفشه” وهو ينادي على الموتى بمفردات حروفه لو كانت ألوانا مرسومة على القماش لخرجت بلوحات عالمية بما تحمله من معان حزينة ” وين اللي زرع ما حصد ..وين اللي طحن ما عجن ..وين اللي خبز ما أكل ..وين اللي عمر ما سكن ؟؟؟؟؟؟ كلها مفردات تدلل أن الدنيا لزوال وكل حي إلى موت … – 3 – وتهتاج بي الذكريات لتقودني وأتذكر أن أطيب السحلب كان يصنعه الحاج حسن أبو طوق في محله الصغير الكائن في الدباغة قبل أن تمتد إليها الأيادي باسم توسيع الشوارع ، وكان يقدم المغطوط الحموي الشهير ، وأيضا يقدم خليط البيض مع الحليب كمقوي للمحتاجين ، وفي الصيف يقدم ” الخشاف ” البارد اللذيذ ، وكان شريكه أخوه الحاج عبد الكريم أ بو طوق الخفيف الدم والظل ..وأيضا كان يتواجد في سوق الحدادين دكانتين لشواء المعاليق ، وفيهما ترى كيف يتسابق الحمويون أصحاب المهن الشاقة ، لأكل السودة والطحال والقلوب والكلاوي ، وكيف الازدحام الشديد على هاتين الدكانتين ..ولا ننسى سوق جلباب العريق بين مدخلي سوق الطويل وسوق الحدادين من الغرب ، وبين مدخل سطوح السوق وحمام الحلق وجامع السلطان من الشرق ، وفيه آخر دكان لصناعة نرابيج الأركيلة لصاحبها ” صبحي الجابي أبو عادل ” وبجانبه محل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *