مهنة جلي الحجارة

by wisam-mo | 5 يناير, 2016 10:57 م

( مهنة جلي الحجارة )
مهنة جلي الحجارة مهنة مضى عليها الزمن وتوقفت مع رحيل العاملين فيها .

{ جلي الحجارة تعد من المهن الحموية الأصيلة في مدينة حماة منذ القدم وهي المهنة المكملة لحرفة البناء أيام زمان يكاد لا يخلو بناء أو قصر أو دور عبادة إلا وشاركت فيه يد العامل الحموي بهذه المهنة ورغم عظمة وقيمة هذا العمل فإن أدواته قليلة جداً ورخيصة الثمن بل تعتمد على الجهد العضلي والحرفية } .
*- أوابدنا الأثرية الجميلة المنتشرة على مدى بساط أرض هذا الوطن الغالي يقف المرء مندهشاً أمام هذه الآثار الحجرية المنحوت بيد أبناء وعمال هذه الأرض الطيبة عبر الزمن الموغل في القدم . إن دلَ على شيء إنما يدل على عظمة وأبداع النحات السوري والنحات الحموي بشكل خاص لهذه القلاع والقصور التي بقي منها الكثير إلى الآن شاهداً على عظيم الهندسة وابداع العامل الحموي وما بقي في باطن أرضنا أعظم وأروع .
*- هذا ما ستكشفه البعثات السورية والأجنبية من خلال ذلك ندقق النظر في هذه النقوش الجميلة ونتسأل عن تلك الأيادي التي خلدت ذلك العمل الفني شاهداً على عظمة فن العمارة والنحت وهنا نُعرّف القارئ الكريم بمهنة اندثرت وكان لها الأثر الأكبر في هذا الفن الرائع الجمال بعد نحت الحجارة الضخمة من أعمدة / كأعمدة أفاميا / وأروقة القصور / كقصر بن وردان / ودور العبادة / مثل الجامع الكبير وكنيسة السيدة العذراء حماه – حي المدينة . لا يتوقف العمل عند مهنة النحت فقط بل هناك حرفي آخر يضيف اللمسات الأخيرة كي يكحل الناظر عينيه بذلك العمل المنظور .
*- هي حرفة جلي الحجارة : ولهذه الحرفة يعمل رجال ذوقهم رفيع في العمل والصبر ولكن عددهم قليل جداً لأن العمل فيها شاق ومضني وأدواتها قليلة جداً ورخيصة الثمن بل تعتمد على الجهد العضلي للحرفي .
*- الأدوات المستعملة هي:
1- حجر سنبادج خش وناعم
2- بعد تنعيم الحجر قليلاً يستعمل حجر عادي له واجهة واحدة بأطوال 20×30سم وكبر الحجر حسب نوع النقش والزخرفة المنقوشة على العامود أو واجهة مدخل الأبواب والنوافذ .
3- حجر اسمه الكلوة وهي فعلاً تشبه كلوة الانسان تستعمل لأماكن مخصصة لها .
4- أثناء العمل يستعمل الماء والرمل من أجل تًأَكُل سطح الحجر وبمرور هذا الحجر فوقها لمدة تزيد على النصف ساعة وأحياناً ساعة يصبح سطح الحجر ناعماً للغاية كالبلور يلمع . بعدها يغسل بماء نظيف يمكن العامل من معرفة عدم وجود عروق ترابية في الحجر يعيب عمله .
يستعين بقليل من الاسمنت الأبيض والبودرة من نفس الحجارة وهذا العمل يقال عنه معجونة بعدها تترك لمدة زمنية لأجل تعشق المعجونة ويعاد العمل بالحجر المذكور سابقاً مع الماء دون رمل حتى يصبح الحجر كالمرآة عندها تكون جاهزة للبناء .
*- لهذه المهنة معلمون وعددهم قليل جداً يعدون على أصابع اليد ولهم الفضل إنهم صبروا على هذه المهنة عملياً ومادياً نظراً لقلة الدخل المادي والكل لديه عائلة حيث كان حافزهم الصبر لأجل إنشاء عائلة من تضحياتهم وقد خرج بعض الأبناء لهم معلمون ومحامون وغير ذلك .
*- هذه الحرفة انقرضت مع رحيل حرفيها واحدٌ تلو الآخر لغاية عام 1994م .
*- هي مهنة رائعة وفنية إلا أنها لا تسد رمق العيش رغم ذلك كان يعمل بها هؤلاء الرجال المتواضعين في حياتهم لشعورهم بأن عملهم إذا توقف العمل في هذه الحرفة سيترك خلالاً في الذوق العمراني فكان دافعهم الحس الذوقي الفني لهذا العمل الشاق .
/ معلمو هذه الحرفة /
*- المعلم جميل بيطار أبو موسى 1920 – 1984م .
*- المعلم عبود سمعان أندراوس أبو سمعان 1910 – 1969م .
*- المعلم بهيج نعوم سيدة أبو عبدو 1918 – 1994م .
*- المعلم جميل موسى الصائغ أبو جورج 1915- 1976م .
*- المعلم عطية اليان جرجس أبو عزيز 1910 – 1991م .
*- المعلم نجيب سمعان الخوري أبو حبيب .
*- المعلم ليون كرمبة أبو نخلة .
*- بعد ذلك مدت التكنولوجيا ساعدها لهذه الحرفة ولكن لم تقم بأدق التفاصيل كما كانت أنامل الحرفي الحموي تقوم به .
*- هكذا يفعل التطور يقدم شيء على حساب آخر وتستمر الحياة بقوتها دون رحمة ولا تعرف مدى قيمة ( أنامل الانسان إلا بعد فوات الأوان ) .
*-تحية حب وإعجاب وتقدير لكل من شارك في بناء وتشييد هذا الوطن الحبيب .
أكرم ميخائيل إسحاق

Source URL: https://kfarbou-magazine.com/issue/9941