الاثنين 1يناير 2024: هيئة التحرير وادارة موقع المجلة تبارك للجميع بحلول عام جديد متمنين لكم عاما مليئا بالخير والمحبة راجين من الله أن يعم السلام كل سورية ودمتم بخير ..  * 

المطران أغناطيوس حريكة / صفاته الوطنية – تأهله ليكون رجلاً لكل زمان

11913222_1679415312287648_2142879803_n

{ المطران أغناطيوس حريكة }

[ صفاته الوطنية – تأهله ليكون رجلاً لكل زمان ]

1849 – 1969 م

إلى زماننا هذا ونحن في عام 2015م لايزال الحديث عنه كرجل دين وسياسة ووطنية على لسان كافة أبناء الوطن بمختلف ألوان قوس قزح منهم من كان معاصره ومنهم من سمع أحاديثه عن الكبار ليكبر بالحديث عن هؤلاء الرجال الوطنيين .

الشاعر القروي يقول في ثلاثة أبيات من الشعر وكأن لسان حاله يوجهها إلى سيادة المطران أغناطيوس حريكة :

إني على دين العروبة واقفٌ       قلبي على سبحاتها ولساني

إنجيليّ الحبُّ المُقيم لأهلها         والذَّودُ عن حرماتها فُرقاني

أرضيتُ أحمدَ والمسيح بثورتي   وحماستي وتسامحي وحناني

إن معظم سكان محافظة حماة مسلمون كانوا أم مسيحيون روم أرثوذكس فهم الغالبية العظمى بين مسيحيي المحافظة ويرى الباحثون أنهم السكان الأصليون فيها قبل الإسلام …. على أن هناك طوائف مسيحية أخرى إلى جانبهم وأعدادهم أقل وهم : السريان الأرثوذوكس والبروستانت والموارنة والسريان الكاثوليك والروم الكاثوليك .

*- 11/3/1925م أصبح الأشمندرية .. / أغناطيوس حريكة / وكيلاً لأبرشية حماة وتوابعها . باشر مهامه في الخامس والعشرون من تموز للعام نفسه .

*- تعريف ببطاقته: هو نجيب بن عبد الله حنا حريكة أمه فوتين إبراهيم جريج ولد في قرية       / بترومين / قضاء الكورة / لبنان الشمالي / في 6/8/1894م .

*- تلقى دراسته الابتدائية في قريته بعد ذلك في المدرسة الروسية في ميناء طرابلس وفي عام 1906م أدخله مطران طرابلس / غريفوريوس حداد / مدرسة البلمند / دير للروم الأرثوذكس في الكورة أسسه رهبان فرنج في عام 1157م حاز فيه على شهادة البروفيه .

*- عام 1909م كان / نجيب حريكة / اسمه بين الثلاث الأوائل الذين أرسلهم البطريرك غريفوريوس حداد / بعدما أصبح بطريركاً إلى مدرسة خالكي اللاهوتية في استنبول وكان عمره حينها /15 عاماً / وكانت سنوات الدراسة فيها سبعة أعوام أربعة للدراسة الثانوية وثلاثة أعوام لدراسة اللاهوت ( وهو علم يبحث عن العقائد المتعلقة بالله ) وهو عند المسيحيين مثل علم الكلام عند المسلمين وأصل الكلمة / لاهٌ/ بمعنى إله , زيدت الواو والتاء مبالغة مثلما زيدت في ملكوت وجبروت .

*- وفي عام 1914م حيث كان عائداً إلى مدرسة استنبول أعلنت الحرب العالمية الأولى مما أدى إلى إغلاق أو إقفال مضيق الدردنيل .حاول كثيراً مع زملائه في الدراسة لم يتمكنوا من العودة رغم المحاولات إلا أنها دون عبثاً لم تجد آذاناً صائغة . وبقي ثلاثة أشهر بين أثينا وسالونيك وجبل أثوس في اليونان وطال الانتظار مما دعاه إلى العودة إلى لبنان بعد أن أمضى فيهذه المدرسة خمسة أعوام دراسية نال خلالها شهادة البكالوريا ودرس اللاهوت لمدة عام حيث الحرب العالمية والظروف المحيطة قطعت دراسته اللاهوتية بعد أن حطت الحرب أوزارها انتظم في سلك الكهنوت وتم تكليفه بعدة مسؤوليات حتى تسلم راية أبرشية حماة .

*- عام 1914م سمي ( نجيب حريكة ) شماساً انجيلياً باسم ( اغناطيوس ) في دير سيدة البلمند   ( الشماس رتبة دينية دون القسيس الكلمة بالسريانية تعني الخادم ) .

*- استدعاه سيادة المطران ( رافائيل نمر ) مطران حلب عام 1915م ليوليه إدارة المدارس الملية هناك وليكون نائباً اسقفياً وكان عمره وقتها واحد وعشرين عاماً .

*- تابع / اغناطيوس / عمله في حلب بكل همة ونشاط حتى نهاية عام 1917م عندما دعاه البطريرك ( غريفوريوس الرابع ) إلى دمشق ليكون مضيفاً للبطريرك الاورشليمي واعضاء مجمعه ( كان القائد التركي جمال باشا قد نقل البطريركية الاورشليمة من القدس إلى دمشق عام 1918م لاقتراب جيوش الحلفاء منها وصدرت الأوامر بتسمية (اغناطيوس) برتبة ارشمندريت وفي أواخر عام 1917م بنفس العام ندب مفتشاً على دير القديس / جاورجيوس / فيلبنان وقد قام بمهمته بأكمل وجه وأنقذ أملاك الدير التي كانت قد حجزتها الحكومة التركية بحجة أنه أملاك محلولة / أي أنه ليس لها مالك / .

*- 1 تشرين الثاني من عام 1918م عين ( اغناطيوس ) رئيساً لدير سيدة البلمند فأعاد المدرسة التي تعطلت في أثناء الحرب وبقي بمهمته هذه ثلاثة أعوام إلى أن عينه البطريرك                ( غريفوريوس الرابع ) ( الذي عرفه وخبره وقدراته الادارية ) وكيلاً بطريركياً لأبرشية كيليكيا والآن ( مرسين ) في تركيا .

*- في عام 1921م لم يستطيع الذهاب إليها بسبب الحوادث الناشبة بين الأتراك والفرنسيين وأقام في مدينة ( اسكندرونه ) مع صديقه الحميم الارشمندريت ( حنانيا كساب ) حيث أسسا معاً أول مطبعة وأول جريدة عربيتين باسم ( الخليج ) في هذا اللواء وأن من يطلع على أعدادها يجد فيها مقالات رائعات مشرقات ديباجتها براعة ( اغناطيوس حريكة ) في شتى مناحي الحياة .

*- في11 آذار 1925م انتقل مطران حماة ( غريفوريوس جبارة ) إلى جوار ربه فانتدب البطريرك ( غريفوريوس الرابع ) الأشمندريت ( اغناطيوس حريكة ) وكيلاً بطريركياً لأبرشية حماة وتوابعها لحين انتخاب مطران جديد حيث كان عليه أن يشرف على الترشيح وبدأ مهمته بكل همة ونشاط وادارته الحكيمة بعد أن نجح بكل المهمات التي عهدت إليه .

*- اجتمع مع المجلس المحلي في حماة من أجل تصريف الأمور في الأبرشية وتدارس مع أعضاء هذا المجلس كل الأمور القديمة والمستجدات وبشكل خاص بناء الكنيسة الجديدة والأوقاف والمدارس التابعة للأبرشية . ثم بدأ عمله بترشيح أعضاء المجلس المَّللي والكهنة والمندوبين عن الجمعيات والقرى وتم ترشيح ثلاثة أسماء هي : تريف غريب- اغناطيوس حريكة- ايليا الصليبي . الأول طلب اعفاؤه لأسباب تخصه وأعلن الثالث عزوفه نظراً لوضعه الصحي . تم الاجتماع مجدداً وترشيح أسماء جديدة وذلك في 18 حزيران منعام 1925م الأسماء : ايصائيا عبود – إيليا اصطفان – اغناطيوس حريكة . وقع محضر الجلسة اضافة إلى الأشمندريت ( اغناطيوس حريكة ) السادة أعضاء المجلس المللّي : جميل نصور- ابراهيم عيسى- سليم داغوم – سليمان الخليل – جورج فرح – نجيب كلاس .

*- السادس من تموز منعام 1925م انتخب المجمع المقدس الانطاكي الأشمندريت اغناطيوس حريكة مطراناً لحماة ويقول الباحث وليد قنباز عن سيادة المطران اغناطيوس حريكة / العملاق /

*- عام 1926م تشكلت الكتلة الوطنية وضمت العديد من الرجالات الوطنية السورية منهم :هاشم الأتاسي : رئيساً لها. شكري القوتلي – فارس الخوري- ابراهيم هنانو – سيادة المطران اغناطيوس حريكة – طالبت هذه الكتلة باستقلال سورية وإنهاء الانتداب الفرنسي  وقدمت الشهداء في سبيل الحرية والاستقلال حتى كان الجلاء العظيم والكبير في نيسان عام1946 م .

*- كم هو رائع وعظيم أن يكون المطران ( اغناطيوس حريكة ) من مؤسسي الكتلة الوطنية والعاملين لأجل سوريا .

ومن ناحية أخرى قام سيادته بتفقد رعاياه وعلاقتهم مع بعضهم مع مواطني المحافظة جميعاً .فتراه يقوم بحل خلاف بين أهالي قرية ( البيضة ) وأحد الحمويين وأسمه (محي الدين الحوراني) حول قطعة أرض عجزت الحكومة عن حلها وبحنكته وهدوئه وعقله حل المشكلة وبرضى الطرفين .

*- عام 1927م كذلك حل خلاف نشب في قرية كفربهم حول ملكية أراضي كانت لآل (بسترس) الذين ذهبوا إلى بيروت واستقروا فيها واشترى بعض الأهالي جزءاً منها واستطاع أن يشتري الأراضي كلها من الورثة الأصليين وأنهى الخلاف تماماً بموقفه الصارم الذي لم يرضى عنه ذوي المصلحة الخاصة .

كذلك كان يساعد المحتاجين لتخفيف الأعباء والضيق عنهم وخاصة الأرامل واليتامى ولم يتوقف عمله عند رعاياه في المحافظة بل تعداها إلى بلاد المهجر الأمريكية وخاصةً الجنوبية وكان يلتقي بأبناء أبرشية هناك وينظر إلى أوضاعهم ويقوم بجمع التبرعات لدعم المشاريع العمرانية والرعية في الوطن لذلك تكررت رحلاته إلى أمريكا الجنوبية مندوباً عن المجمع الانطاكي حتى وصلت رحلاته إلى ست رحلات أولاها آذار عام 1929م وآخرها عامي 1948 – 1949م فكان هذا النجاح مرافقاً لكل رحلاته .

*- ولم يقف المطران اغناطيوس حريكة ساكناً بلسعى لبناء الانسان عن طريق الوعظ أو إعداد الكهنة المثقفين والاهتمام ببناء الكنائس وأبرزها كاتدرائية القديس / جاورجيوس / في حماه التي قدم لأجلها جهوداً كبيرة من جمع التبرعات المالية اللازمة وتحضير الأرض المناسبة مع المخططات لها . إلا أن القدر دائماً يقف أحياناً حائلاً دون أن يرى الانسان نتائج أعماله وافته المنية قبل الشروع في المرحلة الثالثة وكانت الثانية كاتدرائية القديس / جاورجيوس / في محردة التي وضع الحجر الأساسي لها في 5/10/1958م . ووضع مخططاتها المهندس أنيس شباط الأمين العام لوزارة المواصلات في سورية بحيث تماثل كنيسة المرمية في دمشق ووضع حجر الأساس عطوفة محافظ حماة في ذلك الوقت وعدد كبير من رجال الحكومة وتكلم عدد كبير من الخطباء منهم مندوب البطريرك الروسي الذي تحدث باللغة العربية مثنياً لجهود المطران (حريكة) وتلاه الأديب المهجري الكبير الأستاذ / نظير زيتون / عن اسهام المطران الجليل الاساسي في بناء كاتدرائية القديس / بولس/ الرسول في / سان باولو / في البرازيل . بعد كلمة الاستاذ نظير زيتون الارتجالية . فأجاب : بأن بين أيدينا مبلغاً زهيداً ولكن فيقلوب أبنائي الغرّ الميامين كنوزاً طائلة نرجع إليها عند الحاجة وعندنا في المهاجرين أبناءهذه البلدة قوم أوفياء أسخياء لن يضنوا علينا بأموالهم وسوف يلبون صوت راعيهم إذا دعاه للاستعانة بهم واستنفارهم فليطمئن بال الموجسين والمترددين وليشجع المقدمون المتفائلون فإن الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه فنحن نتكل على الله وعلى محبي الخيرة والادارة هي القادرة ولنكن في المقدمة .

يعدو الزّمان فمن لم يعد مستبقاً

أمامه … سحقته أرجل الزمن

*- شجع المطران حركة الشبيبة الأرثوذكسية واهتم بالمؤسسات والجمعيات الخيرية التي كانت موجودة من سابق كجمعية عضد الفقراء وجمعية نور الهدى في حماة والجمعيات التي أنشأها أو ساهم في تأسيسها كجمعية النادي الأرثوذكسي التي أسسها في الأول من تموز عام 1928م لتشرف على انشاء النادي ثم على عمله …. والذي أصبح مكاناً لإقامة الحفلات الفنية والثقافية والذي أصبح من بعد نادي الرابطة الفنية وهو ما يزال مركز اً للنشاط الفني والاجتماعي والثقافي حتى يومنا هذا .

*- جمعية الطالبات القديمات التي أسسها مع عدد من الشابات اللواتي أصبحن قادرات على العطاء ونذكر منهن : ايفيت عبود – أولغا عبود- لوريس درغام – حياة عواد – عفيفة شمه – ليندا جحجاح – ليندا حسكو وبدأت هذه الجمعية تهتم بأمور مدرسة البنات الأرثوذكسية وتجمع لها التبرعات وتقوم بحفلات سنوية يعود ريعها للمدرسة لتحسين أوضاعها ودعم بعض الطالبات.

*- عام 1966م وافق على تأسيس الجمعية الخيرية للاهتمام بمدرسة الذكور الأرثوذكسية وكانت الجمعيتين ( الطالبات القديمات والخيرية ) كانت تهدف لجعل التعليم في المدارس مجاناً بما فيه اللوازم المدرسية واللباس والطعام .

*- كذلك أسس بالاشتراك مع مفني حماة الشيخ محمد سعيد النعسان دار العجزة لإيواء الطاعنين بالسن ممن ينبذهم ذويهم أو ممن لانسب لهم ولا معين . في عام 1951م قد انتخب هذه المؤسسة بإجماع الآراء سماحة الشيخ النعسان رئيساً لها وسيادة المطران اغناطيوس حريكة نائباً للرئيس ومازالت الدار في منطقة المحطة عاملة لغاية الآن .

*- أما صداقة المطران حريكة مع الشيخ محمد سعيد النعسان فقد كانت مضرباً للمثل .

*- عام 1960م أسهم في تأسيس جمعية النهضة الخيرية في قرية (كفربهم) لحفظ أملاك الوقف وصيانة أراضي أهل القرية وتحديدها وإقامة الدعاوي للمطالبة بحقوقهم وإيجاد مدخول مالي للقيام بالواجب تجاه الفقراء والمساكين وكانت المدارس هاجساً قوياً عند المطران الجليل حريكة وكان اهتمامه بها بالغً وكبيراً وكان لدى الطائفة ثلاث مدارس موجودة قبل تسلمه المطرانية وهي : مدرسة الأرثوذكسية للذكور وهي مجاورة لبناء المطرانية والمدرسة الأرثوذكسية للإناث (في حي الشيخ عنبر) مدرسة حارة الفوقا ( في حارة باب القلي) المدرسة الابتدائية الأرثوذكسية في محردة .

*- كما أنشأ في حماة عام 1930م مدرسة ( نور الهدى الأرثوذكسية ) وفي محردة ثلاث مدارس وهي الأخطل – أمين الريحاني – السيدة العذراء ومدرسة ( نور الهدى ) مؤلفة من روضة أطفال وصف أول ابتدائي ماتزال لغاية الآن . أما مدارس محردة الثلاث فتشغلها مديرية تربية حماة ( مدارس عامة ) وبناؤها جميعاً ملك للوقف .

*- المطران اغناطيوس حريكة هوالذي حول دير السيدة فيمحردة الذي أنشأه عام 1941م إلى ثانوية عامة عام1950م / باسم ثانوية محردة / إذ لم تكن الكنيسة قد شيدت بعد وللعلم كانت الثانوية الوحيدة في سهل الغاب وقتها وقد تم جلب أدواتها المخبرية وتوابعها الأساسية من روسيا في /66/ صندوقاً من الحجم الكبير وقد أغلقت الثانوية بعدة عطاء دام /20/ عاماً عام /1970/ م وقدم مخبرها الفني كاملاً إلى المدارس الحكومية في محردة .

*- انشأ مدرسة ابتدائية في قرية / كفربهم / بجوار الكنيسة بمعلماً واحداً من وزارة المعارف وهو الأستاذ توفيق يوسف عام 1927م .

*- عمل على زيادة أملاك الوقف فاشترى ما اشتراه وحصل على هبات من أشخاص مقتدرين مالياً من أبناء رعيته موطناً ومهجراً .

*- أنشأ مشفى محردة الذي تبرع المغتربون المحرداويون له عام 1965م بمبلغ مليون ومائتي وخمسين ألف ليرة سورية بالقرب من روابي محردة في الجهة الشمالية يطل على نهر العاصي وما يزال المشفى عاملاً لغاية الآن / مشفى المحبة / .

*- أنشأ بناء جديد في ميتم جمعية نور الهدى وصالوناً كبيراً للاجتماعات وجدد بناء المطرانية ودشنه عام 1956م وشرع في بناء آخر في الجهة الغربية المقابلة للجناح الأول من طابقين اثنين وتم التدشين عام 1965م كذلك أشاد بناءين كبيرين في حي المدينة وكل واحد مؤلف من تسعة منازل وبنى /24/ مخزناً في بلدة السقيلبية للآجار بتكون دخلاً ممتازاً للوقف ومساعدة المحتاجين.

*- كان لسيادة المطران حريكة دوره الهام على الصعيد الانطاكي الداخلي والخارجي فعلى الصعيد الداخلي كان له دور مهم للغاية في :

*- الأزمة الانطاكية بين عامي /1928-1933/م والتي نجمت عن النفوذ اليوناني في الكرسي الانطاكي وتدخلات سلطات الانتداب الفرنسي … إذ قرر المجمع الانطاكي أن كون /أغناطيوس/ وسيطاً لجمع شمل المجمع بعد انقسامه وتفاقم الازمة بشان انتخاب البطريرك .

*- أزمة الكرسي الانطاكي بين عامي /1935-1941/م التي كانت نتيجة لصراعات النفوذبين الأرثوذكس على عدة مستويات / المطارنة والزعماء – المطارنة بعضهم ببعض –الزعماء فيما بينهم / والذي انعكس على الوضع الانطاكي الداخلي فكان لابد من عقد مجمع للنظر في ذلك جمعه – وحلّه وكان للمطران اغناطيوس حريكة مواقف رائعة وأبرزها تحذيره الجميع من إلغاء القرار المجمعي كما تم اعتماده موفداً لتقريب وجهات النظر وكان في ذلك جميعه نعم المشارك والمدلي برأيه والساعي للخير والمصلحة العامة وصاحب الكلمة المسموعة والمحترمة .

*- ولا ننسى قيامه في صياغة القانون الملّي سنة /1955/م الذي جاء في أربعة فصول وراجعه القانوني السيد / حنا مالك / الأمين العام لمجلس الوزراء في سورية ولم يكن هناك قانون مماثل من قبل ولقد شرع منذ عام /1952/م في دراسة هذا القانون وصياغته حتى نضج كاملاً في 15 آذار عام 1955م ووقعه مع سيادته كل من السادة : أنطون هلال – إيليا صباغ – بهيج شمه – جبران شهدا- حسني قصرين – عبد المسيح حلبي – مظهر دبج – ميشيل سمعان .

*- من أعماله على كافة الأصعدة أنه أنشأ المدرسة الاكليريكية ووضع برنامجها وتحديد مكانها وكان ذلك في دير البلمند عام 1964م .

*- المطران اغناطيوس كان قاب قوسين أو أدنى من الجلوس على كرسي انطاكية وسائر المشرق في 14 تشرين الثاني من عام 1958م لولا أنه تنازل عن أصواته لصالح السيد/ ثيودوسيوس / أبو رحيلي / الذي أصبح اسمه / ثيودوسيوس السادس / .

*- قام سيادة المطران اغناطيوس حريكة بالكثير بتمثل البطريرك خارج سوريا بكافة المناسبات .

*- تأسيسه كاتدرائية / بولس الرسول / عام 1940م في سان باولوا في البرازيل .

*- تأسيسه جمعية السيدات الأرثوذكسيات في سان باولوا عام 1948م لإدارة مدرسة القديس بولس .

*- تأسيسه فرعاً كبيراً لحركة الشبيبة الأرثوذكسية في سان باولوا عام 1962م مقسوماً إلى

قسمين الأول للشباب والثاني للشابات .

كان الأفقان الخط الأساسي لعمله الوطني والقومي شيئاً واحد لا يتجزأ عند سيادة المطران اغناطيوس حريكة سورية ولبنان وفلسطين ومصر يعتبرهم بلد واحد رغم الحدود والحواجز وهذا الشعور الوطني حبه لوطنه الكبير رافقه طوال حياته وكان ذلك بارزاً من خلال المواقف منذ تسلمه مطرانية حماة حتى وداعه الحياة.

*- ساهم المطران حريكة في تشكيل الكتلة الوطنية في سورية عام 1926م حيث كان هدفها مقارعة الاستعمار المحتل الفرنسي والوصول بالبلد والشعب إلى الحرية والاستقلال وقد وقف بكل قوة وصلابة وعنف مع رفاقه من خلال مظاهرات عام 1936م والاضراب الكبير الذي استمر قرابة الشهرين وانتهى إلى توقيع معاهدة عام 1936م وأول بنودها إنهاء نظام الانتداب واستقلال سوريا استقلالاً تاماً .

*-وقد رفضت اللجنة العربية العليا هذا المشروع ودعت مع لجنة الدفاع عن فلسطين في دمشق إلى عقد مؤتمر بلودان عام 1937م والمشروع الذي أصدرته لجنة بيل البريطانية مؤلف من ثلاثة بنود : 1- منطقة يهودية 2- منطقة عربية 3- منطقة انتداب انكليزي .

*- هذا المؤتمر ضم ما يزيد عن /400/ شخصية وطنية من سورية ولبنان والعراق وفلسطين وشرقي الاردن ومصر والمملكة العربية السعودية . وشجب المجتمعون المشروع بشدة وطالبوا بإلغاء الانتداب بكل أشكاله عن فلسطين وإلغاء وعد بلفور وإيقاف الهجرة اليهودية إلى فلسطين ومنع انتقال الاراضي إلى اليهود وفي هذا المؤتمر وقف سيادة / المطران اغناطيوس حريكة / وأعلن بالحرف الواحد بعد انتخابه رئيساً للمؤتمر ( إن قانوننا الكنسي يمنع أي رجل دين مسيحي منحمل السلاح وأنا أول من يتحدّى هذا القانون وأضع القلنسوة جانباً وأحمل السلاح دفاعاً عن فلسطين .

*- في مطلع عام 1946م بدأت اللجنة الامريكية البريطانية تحركاتها واستطلاعاتها حول الوضع الفلسطيني ويجتمع رؤساء الطوائف المسيحية في سورية ويقررون تفويض مطران حماة         / اغناطيوس حريكة / بكتابة مذكرة باسمهم جميعاً لتقدم إلى اللجنة وفعلاً قام بالمهمة وقدمت المذكرة في 17/3/1946 م دفاعاً عن فلسطين وعن عروبة فلسطين إلى أن ينهي هذه المذكرة التاريخية بقوله :

/اسمحوا لي أن أتكلم بصفتي رئيس دين مسيحي بعد أن تكلمت بصفتي عربياً إنني باسم رؤساء الدين المسيحي في هذه البلاد الذين فوضوا إليّ بموجب الوثيقة المربوطة بهذا التقرير ../ استنكر أن يخطر على بال بشر تسليم الأماكن المقدسة لأمة هي أقل الشعوب احتراماً لقدسيتها وإن العرب هم أشرف من حافظ على قدسية هذه الأماكن واحترامها لا فرق فيعهد عمر بن الخطاب الذي فتحها أو في عهد صلاح الدين الأيوبي الذي دفع بسيفة الغاشمين عنها والسلام .

*- أثناء ثورة(حماة) عام 1945م شكل من اتباعه فرقة كشفية برئاسة السيد (لطف الله الحلبي) ونائبه (سعيد سمعان) وعضوية عدد من الشباب الناهض اسماها (فرقة الاتحاد) وقد اشتركت في الجهاد الوطني ضد فرنسا فمنهم من حمل السلاح ومنهم من أسعف الجرحى ومنهم من حمل الطعام والذخيرة إلى المجاهدين وكان سيادة المطران اغناطيوس حريكة في مقدمتهم إلى أن أشرقت شمس الجلاء العظيم وعاش السوريون جميعاً نعمة  الاستقلال والحرية .

*- استطاع مطران حماة أن يمد الجسور والتواصل بين إخوته المسلمين في حماة بخاصة وفي سورية والوطن العربي بعامة . أن يتمنى عرى الصداقة والمحبة الأخوية من خلال مواقفه الوطنية والانسانية ولعل أبرز أصدقائه وأحبائه في حماة : ( الشيخ سعيد النعسان– والشيخ محمد مرتضى كيلاني – الشيخ محمود الشقفة – الشيخ طاهر القطمة – ناصح العظم – صبحي العظم – إحسان العظم – عارف توفيق الكيلاني – بدرالدين الحامد – الدكتور وجيه البارودي – قدري العمر –الدكتور عمر الدلال – محمد رئيف الملقي- عبد الكريم زهور عدي – مفيد طيفور – حلمي البارودي – سعيد الترمانيني – نورس العاشق – عبد الحميد قنباز – الدكتور توفيق الشيشكلي – فريد العظم – نجيب البرازي – حسني البرازي – ومن المدن السورية الأخرى : سعد الله الجابري – فخري البارودي – شكري القوتلي – محمد علي العابد – رشدي الكينجيا – صبر العسلي- هاشم الأتاسي – نسيب البكري – إبراهيم هنانو – عبد الهادي المعصراني – جميل مردم – عبدالرحمن الكيالي – مظهر رسلان- عبدالرحمن الشهبندر – رياض الصلح – خالد العظم – نبيه العظمة – فوزي الغزي- عبد الحميد كرامي . حيث كان يتواصل معهم جميعاً ويزورهم حتى أبناء المدن السورية واللبنانية كانوا يضعون في حساباتهم زيارته فيغدوّهم ورواحهم من شمال سورية إلى جنوبها وبالعكس .

*- كان شديد التواصل مع مفتي حماة الشيخ سعيد النعسان وهو دليل على حرصه على الوحدة الوطنية مع وفد من المطرانية لجمعية العلماء والشيخ محمد مرتضى الكيلاني نقيب أشراف حماة فيعيدي الفطر والأضحى وعيد المولد النبوي الشريف كذلك كانوا يردون هذه الزيارات بأعياد الميلاد ورأس السنة والفصح إن هذا يدل على التآخي والمحبة والتسامح بأحلى صورها وأسمى معانيها الإخلاص بين كبير المقام والعقل السديد بمحبة للوطن الحبيب .

*- يوم 26شباط عام 1956م حين قام الأرثوذوكس المصريون بتكريم الرئيس الراحل / جمال عبد الناصر /  وشاركتهم وفود من الدول العربية الشقيقة وكان الوفد السوري برئاسة المطران اغناطيوس حريكة وألقى أمام الرئيس / جمال عبد الناصر/ كلمتين ارتجاليتين وقلدة قلادة الرسولين / بطرس وبولس / المهداة له من غبطة البطريك / الكسندروس الثالث / بطريرك انطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس وسلمه رسالة وحمله الرئيس رسالة جوابية .

*- كذلك كان على رئس وفد زار الرئيس اللبناني / كميل شمعون / عام 1957م كما زار الرئيس /شكري القوتلي / غير مرة مهنئاً ومباركاً , اجتمعت به صفات حميدة فهو صاحب سياسة حكيمة ونظرة شمولية وصاحب مواقف وطنية مشهودة له استطاع أن يجسد عناق / الهلال والصليب / في الميدان الوطني مما جعل أحد الشعراء يمدحه قائلاً :

راعٍ … تجلّى في السياسة فرقداً             آراؤه من ربِّه تستلهم

*- كانت ثقافة مطراننا الكبير سيادة المطران اغناطيوس حريكة متعددة فهو مدمن مطالعة وقارئ ممتاز أتقن اللغات العربية والفرنسية واليونانية وألم بالغة الانكليزية مما فتح أمامه مجالات واسعة بالإضافة إلى صداقته ومحبته لأهل العلم والأدب وكان ينظم مقطوعات شعرية منها ابيات ما زالت محفورة على واجهة نادي الرابطة الفنية كما درس الصلوات على الألحان البيزنطية وانطلق منها إلى دراسة التراث العربي الموسيقي وتعرف انغامه وإيقاعاته وكان عنده مكتبتان عامرتان : الأولى في المكتب العام في المطرانية والثانية في القاعة العليا ( التكنة ) والاثنتان عامرة بنفائس الكتب والمخطوطات في اللغات التي يتقنها ناهيك أنه يقرأ على مدى ساعات يومياً ويستظهره ساعة يريد . كان يقرأ الترجمة عن اللغة اليونانية ومختارات / لهوميروس وأرسطو وأفلاطون وسقراط /

*- قالت عنه مجلة الصخرة المصرية في العددين /1-2/ نيسان وآيار 1945م ( عالم كبير ولاهوتي قدير يجول فيكل موضوع كابن بجدته ويخوض بحور جميع الأبحاث ويخرج منها منتصراً فائزاً بقوة الحجة وقوة البرهان ) .

وأعجب بالشعراء العرب منهم : زهير بن أبي سلمى والفرزدق والمتنبي الذي خصه باهتمام كبير جداً وأبي العلاء المعري وأبي تمام والبحتري والشريف الرضي وابن زيدون ومن العصر الحديث : بدوي الجبل وشوقي وحافظ ابراهيم ومطران وفارس الخوري ومن المهجر الشاعر القروي وأبو ماضي وفرحان …. وغيرهم واختار لهم جميعاً كما حفظ شذرات لابن خلدون في مقدمته كذلك نقف عند مختارات يجب ذكرها ونقف عند السور والآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة وأقوال الفاروق / عمر بن الخطاب / والإمام علي بن أبي طالب والإمام مالك وشخصيات إسلامية أخرى منها / الحلاّج / وشعراء الزهد والتصوف .

من هنا لنا أن نعرف المطران /اغناطيوس حريكة / من خلال ذلك كله كان رجل علم وثقافة واطلاع واسع في كافة أنواع الأدب .

*- السيد / اغناطيوس حريكة / مطران حماة شخصية فذة ساحرة فمن آية ناحية نظرت إلى هذا الحبر الوقور سحرتك فيه شمائل غرّ نادرة وفضائل لا تجدها إلا فيه أذا ما نظرت بعينيه النافذتين إلى القلوب فهو الرهبة المقرونة بالاحترام والتقدير لأنه يمثل حقاً ( السيّد ) ومن هذا كله لانعجب منمنحه العضوية الفخرية في أكاديمية موسكو اللاهوتية ووسام الاستحقاق السوري ووسام الاستحقاق اللبناني من الدرجة الأولى ووسام فينكس اليوناني ومن تلقيه شهادات التقدير والشكر من جهات عديدة وأبرزها الجاليتان العربيان الاسلاميتان في البرازيل والأرجنتين .

*- صباح يوم الاثنين 3 شباط عام 1969م لبى المطران أغناطيوس حريكة نداء ربه في

مستشفى النيئ في طرابلس / لبنان / إثر نوبة قلبية ووصل الخبر إلى المدن والقرى السورية وأذيعت في الاذاعة السورية والتلفاز والصحف بعامة ودقت أجراس الكنائس في أبرشية حماه معلنة رحيل راعيها الصالح إلى الدنيا الآخرة . حيث أقيم له قداس إلهي من أجل نياح نفسه حضرة معالي الوزير السابق نسيم مجدلاني ممثل فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية وسعادة الشيخ

قاسم العماد محافظ الشمال اللبناني وسائر الهيئات الرسمية ورؤساء الطوائف المسيحية . ووصل جثمانه الطاهر إلى مدينة حماة حيث أقيم له استقبال يليق بمكانته الكبيرة بحبه لوطنه الغالي ومواقفه السياسية والوطنية ودفاعه المستميت عن الحق لأجل الآخرين .

بعد ذلك نقل الجثمان ووري الثرى تحت هيكل الكاتدرائية الجديدة مودعاً بالحزن والدموع والحسرات .

وأخيراً كلمة حق تقال إن أمثال هذه الهامات الشامخة بحب الوطن وتستميت لأجله ما زال من هذه الرجال الكثير يستحق الكتابة عنها إنه للتاريخ ووفاءً لهم مني .

                                                                                 أكرم ميخائيل إسحاق

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصادر :

*- أقوال بعض من عاصر المطران اغناطيوس حريكة .

*- معلومات لكاتب المقال ومصادر الصحف السورية والعربية : الغربال العدد /372/ عام 1946م .

*- المجلة الثقافية الدمشقية : صاحبها مدحت عكاش .

*- المصدر الرئيس موصولاً بالشكر الجزيل للكاتب والباحث المرحوم وليد قنباز .   

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *