الاثنين 1يناير 2024: هيئة التحرير وادارة موقع المجلة تبارك للجميع بحلول عام جديد متمنين لكم عاما مليئا بالخير والمحبة راجين من الله أن يعم السلام كل سورية ودمتم بخير ..  * 

دمشق في عيون الشعراء العرب كانت وستبقى مدينة الياسمين وريحانة الدنيا

54654646456

شكلت دمشق عبر العصور المتتالية بوابة الحضارة والتاريخ والمدينة, حيث قادت قوافلها التجارية نحو الجهات الأربع وغدت العربية الآرامية لغة للعالم آنذاك, هي أقدم عاصمة مأهولة في التاريخ, على أسوارها تحطمت جيوش الغزاة ومن عرينها انطلقت الحضارة العربية, إنها دمشق عاصمة الدولة الأموية التي امتدت إلى الصين شرقاً وجنوبي فرنسا والأندلس غرباً.. إنها دمشق صاحبة الحضارة والرسالة والأبجدية الأولى…حكمت الدنيا بالعلم والمعرفة والتسامح والإخاء …
واليوم تكتب دمشق بصمودها وصمود شعبها ودماء شهدائها, وتضحيات رجالها الشرفاء من بواسل الجيش والقوات المسلحة ملحمة العزّة والكرامة مؤكدة أنها ستبقى( دمشق الحضارة التاريخ..)(1)‏
لم يزرها شاعر أو رحالة أو ديب أو زائر أو سائح إلا وفتن بجمال طبيعتها وطيبة شعبها ومواقفها الوطنية والقومية, فجادت قرائح الشعراء السوريين والعرب في وصف دمشق وغوطتها وبساتينها ونهر بردى وفروعه, وقد ورد وصف دمشق على ألسنة الكثير من الشعراء العرب, وسنتوقف في هذه الدراسة عند أبرز الشعراء السوريين والعرب الذين كتبوا عن ( تمجيد دمشق ودورها الحضاري قديماً وحديثاً) (2) وهاهو أبو نواس يقول في الغوطة:‏
يؤمّمن أرض الغوطتين كأنما لها عند أهل الغوطتين نذور‏
أما الشاعر البحتري فقد أجاد في وصف دمشق ومحاسنها عندما يقول:‏
أما دمشق فقد أبدت محاسنها وقد وفى لك مطريها بما وعدا‏
إذا أردت ملأت العين من بلد مستحسن وزمان يشبه البلدا‏
والشاعر أبو تمام يتغنى بدمشق وحدائقها وجمالها وبطولات أبنائها الذين واجهوا العدوان على الدوام:‏
لولا حدائقها – وأني لا أرى عرشاً هناك – ظننتها بلقيسا‏
وأرى الزمان غدا عليك بوجهه جذلان بسّاماً وكان عبوسا‏
قد بوركت تلك البطون وقد سمت تلك الظهور وقدست تقديسا‏
أما الشعراء من أبناء دمشق الذين ولدوا فيها أو عاشوا فيها أو في سورية,فقد تغنّوا بجمالها وفاخروا بانتمائهم إليها ووصفوا غوطتها وحواريها, فها هو الشاعر خير الدين الزركلي يقول مفتخراً في قصيدة( أنا من دمشق ) عام 1957م:‏
قالت أمن بطحاء مكة جارنا؟ قلت: الهناء لمن دعوت بجارك‏
أنا من دمشق وقد ولدت بغيرها وسكنت أخرى, والحنين لدارك‏
والشاعر محمد كرد علي تغنّى بدمشق مدينة الياسمين, مدينة التاريخ العريق حيث يقول:‏
الفل يبدأ من دمشق بياضه وبعطرها تتطيب الأطياب‏
والحبّ يبدأ من دمشق فأهلنا عبدوا الجمال وذوبوه وذابوا‏
فالدهر يبدأ من دمشق وعندها تبقى اللغات وتحفظ الأنساب‏
ودمشق تعطي للعروبة شكلها وبأرضها تتشكل الأحقاب‏
وقد أجادت الفنانة لطيفة التونسية عندما أنشدت هذه القصيدة التي أصبحت لازمة في معظم المناسبات الوطنية والقومية.‏
أما الشاعر شفيق جبري فيقول في قصيدته مرحباً بأمير الشعراء أحمد شوقي عندما زار دمشق عام 1925 تعبيراً عن المصير المشترك لبلاد الشام وأرض الكنانة:‏
وإذا الشدائد بالكنانة أحدقت وثبت دمشق فقطّعت أوصالها‏
لو تشتكي مصر أذى بشمالها بترت ربوع الغوطتين شامها‏
إنّ العروبة في الشآم تآصلت كرّ الليالي ما يطيق نزالها‏
ويقول شفيق جبري أيضاً مرحباً بشاعر النيل حافظ ابراهيم عندما زار دمشق عام 1929تعبيراً عن مواقفها الوطنية والقومية:‏
إذا بكت جنبات النيل من ألم بكت دمشق بدمع منه هتانٍ‏
أواصر ببيان العرب محكمة النيل والشام في الآلام صنوان‏
أما الشاعر نزار قباني ابن دمشق فيبثها وشوقه لياسمينها ونسمات عليلها فالحب عند نزار خارطة عاصمتها دمشق فيقول في قصيدة بعنوان( من مفكرة عاشق دمشق):‏
فرشت فوق ثراك الطاهر الهدبا فيا دمشق لماذا نبدأ العتبا؟‏
حبيبتي أنت, فاستلقي كأغنية على ذراعي ولا تستوضحي السببا‏
يا شام إنّ جراحي لا ضفاف لها فمسّحي عن جبيني الحزن والتعبا‏
ويصف الشاعر الدمشقي محمد البزم نهر بردى وفروعه السبعة وغوطة دمشق بأنها ريحانة الدنيا بقوله:‏
ريحانة الدنيا وظل نعيمها من قبل مولد يعرب وثمودا‏
أخت الخلود وماالخلود مفارق برداك ما عشق الأناس خلودا‏
لقد عبر الشعراء العرب عن حبهم لدمشق فباحوا بمشاعرهم وأحاسيسهم لهذه المدينة التاريخية العظيمة التي تشكل مع مصر عنواناً للتآخي القومي وهذا ما عبّر عنه شاعر النيل حافظ ابراهيم بقوله:‏
لمصر أم لربوع الشام تنتسب هنا العلا وهناك المجد والحسب‏
ركنان للشرق لا زالت ربوعهما قلب الهلال عليها خافق يجب‏
إذا ألمت بوادي النيل نازلة باتت لها راسيات الشام تضطرب‏
أما أمير الشعراء أحمد شوقي فيصف دمشق وجمالها الساحر, وجمال طبيعتها وناسها عندما زارها وفتن بجمالها وسحرها فوصفها بجنة الله على الأرض فأنشد قائلاً:‏
آمنت بالله واستثنيت جنته دمشق: روح وجنات وريحان‏
لولا دمشق لما كانت طليطلة ولا زهت ببني العباس بغدان‏
قم ناج جلق وانشد رسم من بانوا فقد مضى على الرسم أحداث وأزمان‏
في حين يسكب شاعر العراق الكبير محمد مهدي الجواهري قوافيه وقد عبأها من دنان دمشق العطرة فيعبر عن مشاعره الصادقة لهذه التي احتضنته وأحبته فتبادلا الحب والمشاعر الطيبة فيقول في قصيدته المشهورة ( دمشق يا جبهة المجد):‏
شممت تربك لا زلفى ولا ملقا وسرت قصدك لا خباً ولا مذقا‏
وما وجدت إلى لقياك منعطفاً إلاّ إليك ولا ألفيت مفترقا‏
كنت الطريق إلى هاو تنازعه نفس تسدّ عليع دونها الطرقا‏
وسرت قصدك لا كالمشتهي بلداًَ لكن كمن يتشهى وجه من عشقا‏
فخراً دمشق تقاسمنا مراهقة واليوم نقتسم الآلام والرهقا‏
وقد أبدعت فنانة الجيل المطربة الكبيرة ميادة الحناوي بصوتها ومن ألحان الموسيقار صفوان بهلوان لتصل هذه القصيدة إلى مسامع ملايين العرب في الوطن العربي والمغتربات.‏
أما الشاعر العراقي أحمد الصافي النجفي فاختار دمشق موطناً استقر فيه فأحبه وتغنى بجماله, ودمشق هي موطن لكل عربي حر شريف فيقول في قصيدته التي عنوانها( دمشق):‏
أتيت جلّق مجتازا|ً على عجل فأعجبتني حتى اخترتها وطنا‏
لا يبرح الحسن يوماً عن مرابعها كأنما الحسن من قدم بها افتتنا‏
أيقنت أني من أهل الجنان ففي دمشق أسكن جنات تفيض هنا‏
عجبت ممن أتاها كيف يبرحها فهل يرى في سواها عن دمشق غنى؟‏
إني أمرؤ عربي والعلا نسبي في أي أرض أرى عربياً أرى وطنا‏
بردى والغوطة بأشجارها وأزهارها فيقول في قصيدته( دمشق):‏
يا روضة في ربوع الشام يانعة ترنّم الطير فيها وهو نشوان‏
تمايل الغصن فيها وانثنى طرباً لما شجته ترانيم وألحان‏
يا روضة بردى في وشي بردته يختال بين رباها وهو جذلان‏
أما شعراء المهجر فلم يخفوا ما يجيش في نفوسهم من مشاعر حب وصدق وحنين إلى دمشق فهم في توق دائم لزيارتها والعيش فيها متذكرين أجمل اللحظات وأنقاها, فها هو الشاعر المهجري اللبناني إلياس فرحات يقول في دمشق بعد أن زارها عام 1958:‏
جددي يانفس أفراح الشباب واستمدي البشر من هذي الروابي‏
ويرى الشاعر إيليا أبو ماضي في هذه المدينة جنة الخلد فتغنى بجمالها ومحاسنها وغوطتها وروابيها فيقول في قصيدة ( جلق الفيحاء):‏
ما جلّق الفيحا سوى أنشودة الله غناها فجنّ لها الورى‏
إنها دمشق( الشام) شامة الدنيا على خد الزمان, درّة الشرق وصاحبة الحضارة والتاريخ العريق, وقفت كالطود كقاسيون في وجه العواصف والمحن وما انحنت, لأنها تحمل بيارق العزّة والكرامة بيارق المجد العربي الذي لم يأفل أبداً وهذا ما عبر عنه الشاعر سعيد عقل عندما قال مخاطباً دمشق:‏
قرأت مجدك في قلبي وفي الكتب شآم ماالمجد ؟ أنت المجد لم يغب‏
إنها دمشق ملهمة الشعراء بأصالتها مجدوا وبجمالها تغنّوا وبسحرها فتنوا ولأنها الشام ستبقى كما كانت ريحانة الدنيا وبوابة الحضارة والتاريخ..‏
هوامش:‏
دمشق الحضارة التاريخ – كتاب وثائقي لأعمال المؤتمر العلمي الثقافي بمناسبة إعلان دمشق عاصمة الثقافة العربية عام 2008 – إصدار اتحاد شبيبة الثورة‏
تمجيد دمشق ودورها الحضاري قديماً وحديثاً- بحث للدكتور ماجد أبو ماضي‏

عن جريدة الفداء الحموية الاثنين: 13-1-2014

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

التعليقات: 1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *