عيون باكو
فِي بَحْرِ قَزْوِينَ قَد وَدّعَتُ أَحْلاَمِي
دِفْءَ الشِّتَاء وَأَحْلَى مَا بأيامي
وَأَعْيُنًا كجليدِ النَّهْرِ صَافِيَة
تَنَدَى عَلَى كَتِفَي شَوْقا لإيلامي
إنِّي لأفهم أَنَّ الْحُبَّ مُنْحَدِرٌ
تَهْوَى بِهِ كُلُّ تِيجانِي وأصنامي
فَمَا كَسِرَتُ إبَائِي عِنْدَمَا تَرَكَتْ
حِضْنِي وَحِيدًا كَبَدْر بَيْن أَجْرَام
وَلَا سَحِبتُ جنودي مِن معاركها
وَلَا كَفرتُ بخمري بَعْد إسْلَامِيّ
يَلُومُنِي الصَّحْبُ فِي هِجْرِي لَهَا أَسَفًا
مَا أَبْعَدَ الْعِشْق عَن صَحْبِي ولوامي
مَا كَانَ صَعْبًا عَلَى مِثْلِي أَوْدّعُهَا . .
فَقَد هُجِرَتُ وُجُودِي دُون إِحْجَام
وَقَدْ عَبَّرَتُ حِسان الْأَرْضِ مخترقا
حُلْوَ النهودِ وَلَم يخذلني إقدامي
فَالشَّمْس تُشْرِق مَهْمَا الْغَيْم خَبَّأَهَا
وَالْحبُّ يُزْهِر مِنْ عَامٍ إلَى عَام
لَكِنَّهَا يَا إِلَاهِي كَم علِقْتُ بِهَا
كَأَنَّنِي الْحُوتُ فِي عُبعابها الطامِي
وكم سترمي ورودي مِن نوافذها
وكم ستَمْسَح حُزْنًا كُلّ أرقامي
وَسوف تمْضي إلَى بُوشْكِين تُخْبِرُه
أَن الْحبيبَ جفانا مُنْذُ أَيَّامِ
وَسوف تُذْكَر إنْ مَرَّتْ بمقربة
مِن حانتي طَعْمَ كَأْس بَيْنَنَا حَامِي
وَضَحْكَة فِي هَزِيع اللَّيْل صَاخِبَة
ورقصة كيراع فِي الْفَضَا هَام
رُوحِي لَدَيْهَا فَهَل يَا رَبِّ مُعْجِزَة
أَحْيَى هُنَا وفؤادي عِنْدَهَا دامِي
ودعتها وبودي لَا أَوْدّعُهَا
كَنْزًا أَخْبِّئه مِنْ دُونِ إحْكَام
لَكِنَّه الْعِشْق لَا تَهْدَى بواخره
إلَّا لِتَجْمَع آلاما لآلامي
باكُو وَكُلُّ عُيُونٍ حَوْلَنَا صمتت
إلَّا عُيُونِي وَعَيْنَي حُبِّكِ السَّامِي