الاثنين 1يناير 2024: هيئة التحرير وادارة موقع المجلة تبارك للجميع بحلول عام جديد متمنين لكم عاما مليئا بالخير والمحبة راجين من الله أن يعم السلام كل سورية ودمتم بخير ..  * 

موعظة في عيد الميلاد

455566565

 

 

امطري ندى يا سما والغيوم تمطر الصدّيق وتنفتح الأرض فينبع المخلص…

إنها صلاة الآباء والأنبياء كانوا يرفعونها كلّ يوم إلى الله تعالى ليرسل مسيحه إلى العالم … ولطالما انتظروه وعللوا الآمال بأن يروه … وها إن ملىء الزمان قد حان ، ومريم العذراء قد أتمت وأنجبت المخلص الموعود، فالسماء والأرض كانا على موعد يوم ميلاده وقد التقيا وتعانقا لأول مرة، في شخصه … السماء أمطرت الصّديق، والأرض أعدت طينته لأنه ابن الله، وسيُسمى أيضاً ابن الإنسان .. لقد دخل تاريخ البشر وخضع لناموس الزمن، وهو الأزلي، وصار ابن الإنسان وابن الزمان.

لم يولد في روما أو اثينا ولا في الإسكندرية أو أنطاكية ولا في اورشليم عواصم ذاك الزمان بل ولد في قرية مجهولة ..

ولد في سفر وغربة وعلى الطريق وفي كهف ومذود …

ولد على الطريق، والطريق مشاع، لأنه لن يكون لقومه وشعبه فقط بل لشعوب الأرض قاطبة على السواء .

ولد عل طريق مشت عليها في الأمس البعيد مركبات سليمان وجحافل كسرى وجيوش الإسكندر وقيصر إثر الغزاة الفاتحين ليقتطع له مملكة أين هي من ممالكهم : مملكة القلوب …

لقد ولد في مذود وأضرم في مذوده نيران ثورة لم تخمد ثورتها ولم يفتر سعيرها حتى الآن :

– ثورة الفقر الإختياري والزهد والإتضاع على الجشع والبطر والغطرسة

والطغيان .

– ثورة الحق والصدق والوفاء على البطل والزور والبهتان

– ثورة المحبة والجمال والجود والشهامة على البخل والذل والخزلان

– ثورة أبطلت شرعة الغاب وساوت بين أهل الكوخ وسكان العلالي

والقصور

فالفقر صار عند مذوده غنىً والصقيع دفئاً والحرمان قناعة وطمأنينة والضعف أصبح قوة تحطم قيود الظلم والطغيان .

لقد دعيت ثورة الميلاد بحق ثورة التاريخ الكبرى، إذ إنها أحدثت تحويلاً جذرياً في تاريخ الحضارة الإنسانية …

والعجيب بأمرها انها لم تقم بالمال والسيف والجبروت بل بالفقر والتواضع والخضوع .

فقر وتواضع وخضوع، تلك علامات ثلاث أعطاها ملاك الرب للرعاة ليستدلوا بها على المسيح .

فها أنذا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب إنه قد ولد لكم اليوم مخلص وهو المسيح الرب في مدينة داود، وهذه علامة لكم . إنكم تجدون طفلاً ملفوفاً ومضجعاً في مذود .

فقر أليم ولكنه فقر محرر، حرر الإنسان من عبودية المادة والمال ونادى لأول مرة بأولوية الروح وبسيادة السماء على الأرض ..

من مذوده قلب جدار العداوات القائم بين الشعوب بإحلاله روح المحبة والتآخي والسلام ..

من مذوده ساوى الكبير بالصغير والعظيم بالوضيع والغني بالفقير، وسنّ شريعة ” أحبوا أعدائكم” بدلاً من شريعة ” العين بالعين والسن بالسن”، وأظهر أن اللاعنف أقوى من العنف والمغفرة أسمى من الثأر والتسامح أنبل من البغض والزور والبهتان .

فقر وتواضع وخضوع هي علامات ثلاث عُرف بها المسيح يوم ميلاده .

دعائم ثلاث قامت عليها ثورة الميلاد ، فمذود بيت لحم هو أول منبر للحرية والعدل والمساواة يوم تأنس الهٌ ليؤله الإنسان وستبقى ثورة الميلاد في داخل قلب الإنسان وستحاول أبداً أن تجره إلى ما وراء مغارة الميلاد ..

فيا طفل المغارة … نحن بحاجة اليك وإلى ثورة ميلادك الحقّة والصحيحة البنّاءة التي ترفق ولا تقسو .. تبني ولا تهدم، تجبر ولا تكسر، تغفر ولا تدين ..

فيا وليد المذود اغننا بفقرك

ويا وليد الغربة والسفر والطريق امنحنا طمأنينتك

ويا وليد الكهف ارفعنا باتضاعك ..

 

ــــــــــــــــــــــــــ

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *