الاثنين 1يناير 2024: هيئة التحرير وادارة موقع المجلة تبارك للجميع بحلول عام جديد متمنين لكم عاما مليئا بالخير والمحبة راجين من الله أن يعم السلام كل سورية ودمتم بخير ..  * 

بضاعة الشعر الكاسدة

201012302241920

 

 

 

الشعر ديوان العرب, ولكنه عند أصحاب دور النشر والمكتبات أقل أنواع العلوم والفنون جاذبية للناشر, وإقبالاً من القارئ. وباستثناء دواوين معدودة وشعراء محددين؛ فإن الناشرين يصفون الشعر بأنه من المنتجات الثقيلة, وطباعة الدواوين صناعة كاسدة وبضاعة مزجاة. وفيما يدفعون المبالغ الكبيرة لمؤلفي كتب الطبخ والأبراج وتفسير الأحلام وتطوير الذات والمذكرات والفضائحيات, وبدرجة أقل كتب الأدب وعلى رأسها الروايات؛ فإنهم لا يدفعون شيئاً للشعراء مقابل طبع دواوينهم، وإنما يشترطون أن يقوموا بطباعتها لحساب الشاعر, فيكونوا قد ضمنوا هامش ربح لقاء الخدمة الطباعية, ويغروا صاحب الديوان بجزرة التوزيع التي قد تأتي وغالباً لا تأتي.

انحسار دور الشعر وأهمية الشعراء في سوق النشر قد لا يعني بالضرورة أن هذا هو حجمه الطبيعي في مؤشر الأدب والثقافة والقراءة بشكل عام؛ وإنما هناك مؤشرات ومسببات لابد من أخذها في الاعتبار ومناقشتها بصراحة ووضوح وموضوعية. فمن المؤشرات نجد أن الشعر وأبيات الشعر في مختلف عصورها من الجاهلية إلى أبيات وليدة اللحظة؛ مازالت تتردد ويتناقلها الناس على شكل مختارات ومقاطع قصيرة وأبيات مفردة في الوسائل الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي, وبخاصة على الفيسبوك وتويتر والواتس أب، بصرف النظر عن الأغراض التي قيلت فيها, أو القيمة الفنية لها. ومن المسببات نجد أن تربية النشء على الإبداع والنماذج الشعرية ذات القيمة الفنية العالية واللغة المناسبة لمستوياتهم ضعيفة. فما يدرس في المناهج من نصوص إبداعية يبعث في كثير منها على النفور، وأسلوب تدريسها يجعلها هماً على قلب الناشئة. كما أن أسلوب تقديمها في المحافل تقليدي لا يتعدى أمسية شعرية يحضرها أفراد قلائل وتغلب عليها المجاملات أو مسابقات وبرامج تلفزيونية هدفها ربحي واستغلالي بعيداً عن روح الشعر وتنمية الذائقة.

ربما لم يعد الشعر ديوان العرب في عصرنا الحاضر, وربما لم يعد الشعراء هم أمراء الكلام، وربما لم يعد الكلام هو أسلوب التواصل بعد أن تحولت الحروف إلى بايت والجمل إلى كيلوبايت والصفحات والكتب إلى ميجابايت. ولكن يظل الشعر شعراً ولا يستحق هذا الانهيار الشديد في سوق النشر الذي زاد من كارثية عدم وجود مشاريع وطنية وقومية تهتم بالشعر وتسعى إلى نشره والارتقاء بأذواق الناس الفنية، ولهذا أصبحنا أكثر تجهماً وبلادة.

مجلة المجلة العربية –الرياض – عدد آب-2013

ملاحظة /الكاتب هو رئيس تحرير المجلة وكانت هذه المقالة هي الافتتاحية للعدد الأخير/

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

التعليقات: 1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *