الاثنين 1يناير 2024: هيئة التحرير وادارة موقع المجلة تبارك للجميع بحلول عام جديد متمنين لكم عاما مليئا بالخير والمحبة راجين من الله أن يعم السلام كل سورية ودمتم بخير ..  * 

حكاية الإبداع.. وأصوله

بقلم: الشاعر رضوان السح

543456546354535433

عندما استيقظ رأى نفسه على رمال الشاطئ، كانت الشمس طفلة شقراء والبحر رضيع يشكو الفطام ويتماوج مشتاقاً إلى صدر أمه، وشعر النائم الذي استيقظ بأنه يشعر فكانت الدهشة، وحين رأى الكون أحس بالجمال، فسرّه الجمال وعندما جاء الظلام متوجساً بعصاه حاملاً سراجه، شاهد الإنسان الطفل خلف النجوم صانع النجوم، فتمطى بدلال وراح يحاكي صنع خالقه على الرمال كان خالق الجمال يفترش الأزل ويزدان بتفرده ووحدانيته، لكن الإنسان الطفل يذكر أنه كان ينام فوق رمال الحداثة ويعرف كثرة أشباهه من حوله، فمن أين يأتي بفراش الأزل وجمال التفرد! ورأى في البحر
صورة البحر وفي الشمس صورة الشمس، فهل يستطيع أن يخلق الشيء مثالاً لصورته فالشمس لم تكن شديدة الضياء على يديه، ولم يكن البحر يملك الزرقة والصفاء، وكان ضوء الشمس على يد خالقه نابعاً من الشمس وموج البحر من مياهه، وعبير الأزهار من أكمامها، وصداح الطيور من حناجرها- فهل يستطيع أن يكون صادقاً مثل خالقه؟.‏
من حكاية الإبداع تتكشف لنا أصول الإبداع، فقد يئس الفنان من البحث عن فراش الأزل، لأنه ولد فوق رمل الحداثة فراح يبحث عن حيلة تعوضه عن الأزل، وتمنحه الشعور بالقدم عند أشباهه فكانت معرفة التاريخ وادعاؤه بالانفعال لمجرياته إيهاماً لجمهوره يأنه يحياها، ولهذا نرى اتكاء الفنون على الحدث التاريخي وإسقاطاته، والإشارة بطريق خفي إلى ماهو تقليدي عبر محاولة التجديد والاعتماد على الأساطير والأديان القديمة، كل ذلك لايهامنا بأنه يملك خلاصة التاريخ والوجود وبهذا وجد منفذاً نحو القدم، فكيف يثبت لنا الوحدانية والتفرد، وليس باستطاعته تغيير ملامحه كي يغدو غريباً عن أشباهه؟ كانت المحاولة ساذجة في بدايتها، فالهالة التي صنعها من لبدة الشعر وحمرة العيون وانتفاخ الأوداج والسلوك المعتوه ليست مقنعة بتفرد الفنان- فرأى أن التفرد يجب أن يكون في العمل الفني وليس في شخصه فراح يقتنص الصورة المغايرة لأعمال أقرانه، فغدا التجديد أصلاً من أصول الإبداع- كالأصالة المعبر عنها بمعايشة الماضي، وفي اجتماع الأصالة والجدة نشاهد ميل الفنان نحو البيئة القريبة- فالمحلية طريق العالمية- ومنها تستمد الأصالة والجدة.‏
وكان الوضوح سبيلاً لكي يظهر الشيء مثالاً لصورته- ففي الغموض يختبئ الضعف المناقض للقوة الكامنة خلف جمال الكون، وفي الوضوح تكون الشمس أكثر ضياء والبحر أكثر زرقة وصفاء، أو تكون الشمس شمساً والبحر بحراً، إلا أن رغبة الفنان بالتفرد حتى عن معلمه الأزلي جعلته يشرع في خلق الصورة الجديدة وفي إكساب العمل الفني بعداً أكبر من المحاكاة، إلا أن الشمس الجديدة يجب أن تكون شمساً، فالوضوح أصل من أصول الإبداع، فإن كبر الفن عن محاكاة الطبيعة فإنه لن يكبر عن محاكاة الإبداع، فيظل مقلداً في هذه النقطة على الأقل وفي محاولة الفنان لبعث الدهشة والإعجاب في جمهوره، مثلما بعث الله الدهشة في قلبه كان لابد من الوضوح- فكيف أضحك أو أبكي إذا لم أفهم- ثم إن الوضوح برهان قدرة الفنان على الفهم، فالقدرة على التعليم دليل على امتلاك العلم.‏
ثم يأتي الصدق أصلاً آخر من أصول الإبداع ، فلأننا نحب أن نرى في الشيء ذاته ومثاله، على الفنان أن يقنعنا بأنه قديم متفرد قادر على الإفهام، عالم ببواطن الأمور ولكي نصدقه عليه أن لايتجرأ ويبالغ كثيراً فيخسر اللعبة كلها، فمن يشير إلى عصفور قائلاً لك -هذه حمامة- هو أقرب إلى إقناعك ممن يقول: «هذه بقرة» والصدق أو الحقيقة في العمل الفني لايعنيان الحقيقة الوجودية بل يعنيان مايجعلنا نشعر بالصدق والحقيقة.‏
فالصدق والحقيقة قدرة على الإقناع، ومن هنا يتفرع موضوع كبير حول اتفاق سلوك الفنان واللوحة الفنية أو الازدواجية بين السلوك والعمل الفني- فسلوك الفنان إذا غاير طرحه -واكتشفنا ذلك- كان احتقارنا لصوته شبيهاً بانزعاج سامع لصوت بلبل اكتشف أنه يصدر عن بوق سيارة عابرة.‏
– نشرت في 21-7-1983 -الفداء‏

من حياة الشهيد جول جمال

بقلم: موقع حمص

4545464643

1 أبريل 1939 – 4 نوفمبر 1956) هو الضابط السوري البطل الشهيد من البحرية استشهد في حرب السويس عندما انطلق بزورق الطوربيد الخاص به في قلب البارجة الفرنسية الضخمة جان بار Jean Bart وقيل أنه أغرقها بينما كذب ذلك الفرنسيون في حرب السويس عام 1956 وكان قد تطوع في البحرية المصرية. وهو من محافظة حمص السورية

بــهـجـة الـكـتـاب

بقلم: الكاتب عفيف عثمان

7818_141245042549_4563839_n

هل من ضرورة الآن لتذكير القرّاء بأن من شروط لذائذ نا وحياتنا نفسها ان نظل نمدح القراءة وعائلة الكتاب أجمعين؟ فإذا ليس من سبب محدد فلأن القراءة هي السبب بالذات. وهي السبب الدائم الذي لا يحتاج الى مناسبات، وإن تكن بيروت فتحت بيتها لمعرض الكتاب الفرنسي ابتداء من 12 الجاري، وبعد قليل لمعرض الكتاب العربي، وفي كل آن للكتاب مطلقاً.
نزل الامر الإلهي بالقراءة، واستجابت أمة. وأسرى كل واحد بحرف من حروف اللغة الى مقامات ومنازل عليّة، وناظر البعض بين القراءة والحياة وتنفس من خلال الكلمات.
أوكل سلامة موسى “تربيته” الى الكتب، وجلس بورخيس في متاهته، محاطاً بكتبه في “مكتبة بابل”. وذهب عقل دون كيشوت بسبب قراءاته وكان العلاج حرمانه منها وحرق كتبه. وقتل الراهب في “اسم الوردة” لامبرتو ايكو لتصفحه كتاب أرسطو “الممنوع” الذي يتحدث عن الضحك. كان فرانز كافكا قد دعا عام 1904 الى قراءة الكتاب الذي “يوقظنا بخبطة على جمجمتنا” مضيفاً “اننا نحتاج الى الكتب التي تنزل علينا كالبلية التي تؤلمنا، كموت من نحبه أكثر مما نحب أنفسنا، والتي تجعلنا نشعر، كأننا قد طُردنا الى الغابات بعيداً عن الناس، مثل الانتحار. على الكتاب أن يكون كالفأس التي تهشم البحر المتجمد في داخلنا” (“تاريخ القراءة”، البرتو مانغويل، ترجمة سامي شمعون، دار الساقي، ص112).
الفيلسوف الالماني نيتشه يقول في سيرة حياته “هوذا الانسان” إنه يبتعد عن الكتب والمطالعة عندما يكون منغمساً في التأليف والكتابة: “أن يقرأ المرء في الصباح الباكر عندما يكون كالفجر، في قمة قواه ان هذا عمل شرير”. ويقول “ان الذي لا يستطيع التفكير الا اذا كان في يده كتاب يفقد قدرته على التفكير المستقل ويصبح فكره مجرد رد فعل للعوامل والمؤثرات الخارجية”، وينتهي الى القول إن القراءة هي “فن المضغ الذي لا تجيده الا البقرة” (“الجمر والرماد”، هشام شرابي، دار نلسن، ص 158 و163). ويؤكد نيتشه في “العلم الجذل” أنه لا يقرأ كثيراً ولا ينتظر تحريض الكتاب كي تولد فكرته، لكنه يتوصل بسرعة الى “رؤية الكيفية التي توصل بها المؤلف الى فكرته واذا ما بقي جالساً أمام محبرته، بطنه مضغوط ورأسه في الاوراق” (ص226).
ويروي فولكنر انه توقف عن القراءة ما ان انهى كتابه “الصخب والعنف” لأنه فهم معنى القراءة، اذ اكتشف انه استعرض في مؤلفه كل ما قرأه من هنري جيمس الى قصص الجرائم في الصحف مروراً بهانتي من دون تمييز ومن دون أن يهضم شيئاً.
القارئ المكتشف
لم يكن ما نادى به السورياليون “ليسقط لافورغ وليعش رامبو” مجرد شعار، بل برنامجاً للقراءة ورسماً لمشهد جديد. فقد أعادوا خلط أوراق التاريخ الادبي. اذ أصبح رامبو نموذج الشاعر، الشاعر مجرداً، بحسب فيليب بارو.
القارئ هنا هو في موضع المكتشف بالمعنى الحرفي للكلمة. فالتاريخ الأدبي متشكل من مرجعيات ثابتة من خلال الكتب المدرسية. والقراءة تملك امكان احداث حركة مستمرة وفقاً لقدرة القارئ على اكتشاف كاتب مهمل او ساقط من رفوف المكتبات والذاكرة. وعكس ذلك ممكن ايضاً، فالسورياليون بخسوا أناتول فرانس حقه. والامر يمكن أن يجري تبعاً لصيغ السوق: أجواء التاريخ والضرورة التي يمثلها كاتب ما واهتمامات العصر واسئلته التي تجد نفسها في عمل ما.
ومن أواليات التقويم التي يستخدمها القارئ المكتشف بحثه عن أسبقية الكاتب وتجاوزه الزمن. فعلى سبيل المثل أعاد جيمس جويس “اكتشاف” ادوارد دو جوردان، وبين اكتشاف كاتب واغتياله بسبب الحماسة خطوة صغيرة. فالقارئ يمكن أن يتلبس دور القاتل من خلال “تملك” جسد النص وتقطيعه الشديد من طرف صاحب أطروحة او لغوي ألسني. وفي “نار باهتة” يروي نابوكوف بطريقة نموذجية الآثار السيئة للقارئ المترجم المعجب الذي انتهى الى اغتيال كاتبه المفضل.
معلّم ذاته
سيرة معلّم ذاته، هي سيرة ثقافة وقراءة حولت مجرى الحياة. وقد أشار ريشار هوجار في “ثقافة الفقر” الى شخصية معلّم ذاته على انها “منشطرة” بحكم انتمائها الى فئة العمال او تطلعها الى عيش ما تقرأه (قبل انتشار التعليم وتعميمه)، ولا يزال هذا الانقسام مستمراً عند الفئات الفقيرة ولكن المتعلمة، على ما رأى باتريك سينغولاني.
اهتم ستيفان بود في “بلد التعاسة” (لاديكوفرت، 2004) بمسارات أولاد المهاجرين العرب في فرنسا. بطله الرئيسي يونس عمراني، من أصول مغربية، يروي انجذابه الى القراءة، وقد ساعده في ذلك وجود مكتبة قريبة من منزله، بداية بسبب الفضول الذي تحول شغفاً. لكن من الصعب عيش ذلك بالعلاقة مع الحي، لانه يجب امتلاك “صورة” تتوافق مع قيم “الجماعة”. فمكان القراءة كان دائماً ملاذاً، ولكنه خصوصاً مكان فصل وتمييز عن الاخرين الذين هم خاصته. انه مكان يوفر أشياء لا تمتلكها المحاضرات الجافة. انه موقع لانقلاب اجتماعي في عالم يجد صعوبة علائقية في التعامل مع المرأة. اذ يمكن “النقاش مع الفتيات”. ويقول عمراني: “ان المكتبة هي التي انقذتني عندما كنت أعيش أياماً سوداء. ومن دون هذا المورد كنت نهباً للضياع مثل الآخرين”. فاللقاء مع الكتاب يبيّن له ذلك البعد مع الآخر، ويتحدث عن أشياء يرغب في عيشها بقدر ما يحمل تساؤلاً عن الذات وعن النحن.
لماذا القراءة؟
لا شك في ان المدرسة تؤدي دوراً رئيساً في الحض على القراءة، لكن الاسئلة الفعلية هي: ماذا يعني أن نقرأ، وماذا يجب أن نقرأ، ولماذا نقرأ؟ تجري القراءة وفق صيغ عدة: نقرأ مقاطع، مؤلفات كاملة، نقرأ لنحوز مؤهلات، نقرأ للمتعة، لأنفسنا او للتبادل والتداول مع الآخرين، نقرأ لنكتب، نقرأ لنتعلم. والممارسات كثيرة للوصول الى تكريس القراءة من “الحصص” المخصصة لها والمسابقات الى ورش الكتابة ومقابلة الخلاّقين، وجهد الناشرين لطبع الاعمال الكلاسيكية بأسعار زهيدة. بيد انه توجد أمام الشباب خصوصاً عوائق عدة منها عدم اجادة اللغة والعمر، فمن الصعوبة بمكان القول إن القراءة تساعد في “الحلم” وفي بناء عالم مختلف عن الذي نعيشه.
السؤال الفعلي الذي يطرحه نوربرت سارني هو: هل القراءة من أجل “انجاز البرنامج” أم القراءة من أجل فتح الابواب وهز اليقينيات؟
ولماذا القراءة تحتمل إجابات لا تحصى؟ القراءات الحقيقية سرية وخفية وممنوعة!
شهود
يرى كارلو ماريا دومنغيز اننا نقيم عهداً مع الكتب كأنها شهود لحظات من تاريخ حياتنا المدبرة. ونعتقد بامكان حفظها ما بقيت الكتب. فنحن نفضل اضاعة ساعة او خاتم والاحتفاظ بكتاب قد لا نقرأه ولكن في رنة عنوانه تثوي مشاعر قديمة قد لا تعود ابداً.
القراءة النقدية
قد تكون قراءة النصوص المكرسة والمبجلة لكبار الكتاب وسيلة رائعة للتحرر الفردي. فالقراءة تعني عند جورج أرثور غولد شميدت أن نقف على أهبة الاستعداد وامتلاك القدرة على تفعيل النص. وسبق لسبينوزا في “رسالة في اللاهوت والسياسة” ان بين ضرورة القراءة النقدية للكتابات: “على القراءة أن تكون موضحة”. والقراءة في ذاتها مسافة وبعد، وبسبب من الانقطاع الذي تسمح به نتوقف ونعود ونقفز فهي تشجع الروح النقدي وتحفزه بخلاف ما أوصت به الدعاية النازية “لا تفكر بنفسك، فكّر من خلالنا”، لأن التفكير مهمة هتلر.
رؤية العالم
القراءة حين لا تكون مجرد تسلية او “الصلاة اليومية” للصحف، هي في نظر جان لاكوست مواجهة، طويلة ومتطلبة مع كتلة ومع عالم. نظير مواجهة “عوليس” (جويس)، او “الجبل السحري” (توماس مان)، او “الرجل من دون صفات” (موزيل)، او “موبي ديك” (ملفيل). القراءة من هذه الرؤية تفترض جهداً للتكيف مع النص واستحواذه، وحتى تفترض عهداً مع الملل! والتي في المقابل تطبع رؤيتنا للعالم.
واذا ما قرأنا الناقد الفرنسي شارل دوبوس (1882-1939) بدعوة من لاكوست، صديقه، وتوماس مان في “اليوميات”، فأننا نقرأ رواية فعلية حول ممارسة القراءة ومعناها، حول غائية هذا المسار الذي لا يقع ضمن النشاط المفيد (النفعي) او الاكاديمي، ولكنه فعل حيوي و”روحي” وفلسفي وشبه ديني (في اصله).
تدخلنا “يوميات” دوبوس في مختبره الحميم حيث يتشكل القارئ صاحب الحرفة: الناقد. صحيح انه يتحدث عن شخصه، لكن حديث نفسه مخصص كلياً لقراءاته، لمقاربته اعمال الآخرين وتفهمها. وهو يذعر من كلمة “نقد” (النقد الذي رأى جيل لوميتر انه ليس الا فن التلذذ بالكتب) لأنها في جذرها تفصل وتبعد، بينما يريد تلميذ برغسون ايجاد “الوحدة” عند الكاتب، بضع كلمات او استشهادات تعبّر بطريقة ما عن “بؤرة تفكيره”.
البحث عن الفرادة
يتحدث جان كلود بنسون عن قارئ كتبي، لا تلزم القراءة عنده حد عالم الجمال الباحث عن لذات شخصية (بالمعنى الذي قصده بارت في حديثه عن التمتع بالنص). القراءة بالنسبة اليه جزء من ممارسة تسعى وراء فرادة. وهو يبحث عن الاشكال النادرة ويترصد المفاجأة التي تحيّر وتسعد في الوقت نفسه (من مجلة “لا كنزين ليتيرير”، عدد 905).
الدعوة الى القراءة هي دعوة الى “حوار” صامت (او صاخب) مع العالم في ركن منه، تحول “بضع الاوراق الجافة” هذه، كما يعرف سارتر الكتاب، ناراً توقظ الحواس وتدفىء القلب وتنير العقل
ملحق ” النهار ” العدد 714 – الأحد 13 تشرين الثاني 2005

النرجسية

بقلم: الكاتبة عُلا السيد

5544354635453

هي شخصية موجودة بيننا، وفي كل المجتمعات نجد لها حضوراً يثير بعض المتاعب ويسبب المشكلات بين أفراد المجتمع الواحد، ويمكن اكتشاف هذه الشخصية بسهولة وذلك من خلال بعض الصفات والأساليب التي تتعامل بها مع من حولها، حيث يرصد المحيطون بها مجموعة من السلوكيات المنفردة خاصة التكبر والاستعلاء، إضافة إلى افتقادها إلى روح التعاطف،
وكذلك التمركز حول الذات، فهي لا تفكر إلا في نفسها فقط بغض النظر عن احتياجات وشعور العالم من حولها، ولكي تثبت هذه الشخصية أنها الأفضل على الإطلاق تقوم أيضاً بالتركيز على أخطاء وعيوب الآخرين، ويظهر الشخص النرجسي نمطاً متكرراً من الشعور بالعظمة في الخيال أو السلوك والحاجة إلى الإعجاب وفرط الشعور بالأهمية و المبالغة في تقدير الذات، وتوقع الاعتراف به بوصفه متفوقاً دون تحقيق إنجازات مناسبة لهذا الوصف، وغالباً ما يحسد الشخص النرجسي غيره من الأفراد ويعتقد اعتقاداً زائفاً بأنهم يغارون منه، كما أنه يهتم بمظهره وملابسه للغاية.‏
يقول فرويد: إن النرجسية تعبر عن إحدى مراحل النمو التي يمر بها الإنسان ففي السنة الأولى من العمر نجد الطفل الصغير متمركزاً حول ذاته ومع الوقت يتمركز حول الآخرين، والنرجسية تبعاً لفرويد هي مؤشر مهم للثقة بالنفس والاعتزاز بالنفس واحترامها ولكن تفوق عن حدها فتؤدي إلى الغرور الذي بدوره يؤدي إلى النرجسية والعكس صحيح تماماً فانخفاض النرجسية يعني عدم الثقة بقدرات وإمكانات الفرد، فرويد يؤمن بأن النرجسية ضرورية في حياة الإنسان بشرط أن تكون متوسطة ولا تتجاوز الحدود.‏
أنانية‏
سلوى، معلمة، تقول: مديرة المدرسة التي أدرس فيها، لها شخصية مميزة، مكروهة من الجميع، لأنها تدعي أنها تعرف أكثر منا جميعاً،كما أنها الوحيدة التي لديها المعلومات المهمة، لذلك تفترض أنه يجب أثناء الحوار أو المناقشة أن يخرس الآخرون إلى أن تنتهي هي من حديثها لأنها الأهم وما سواها لا يشكل أدنى قيمة، ليس هذا فحسب ولكن عندما تريد شيئاً معيناً فإنها تصر على الحصول عليه بغض النظر عن مشاعر وآراء الآخرين التي لا تحسب لهم أي قيمة تذكر، فهي ترى أنها الأهم وأن جميع المحيطين بها أدنى منها وما هم إلا ذراع ثالثة لمساعدتها.‏
غيورة‏
منال، موظفة، تقول: يوجد معنا في العمل فتاة غير عادية وهي من نوع خاص وفريد لا أحد يفهمها، ولا يعجبها أحد وصولية تستفيد من مزايا الآخرين وظروفهم في تحقيق مصالحها الشخصية وهي غيورة تسبب لنا الكثير من المشكلات، عندما نقوم بإنجاز مشروع مع بعضنا تقول: بأنها هي من قامت بإنجاز هذا المشروع ، متمركزة حول ذاتها تستميت من أجل الحصول على المناصب لا لتحقيق ذاتها، وإنما لتحقيق أهدافها الشخصية .‏
يحب المظاهر‏
محمد، موظف، يقول: صديقي سامر يسعى وراء المظاهر أملاً في أن يكسب إعجاب الناس، لذلك فهو يبالغ في الاهتمام بمظهره وأناقته، يدقق كثيراً في اختيار ملابس مميزة وجذابة، يظن بأنها ترفع من قيمته في أعين الناس، يؤمن بأن المظهر هوالمسؤول عن إضفاء وتحديد الشخصية، يقف أمام المرآة ينظر إلى نفسه كثيراً يقوم بتقبيل صورته في المرآة،يقول لي : لا يوجد شخص أحلى مني،وعندما أنتقده على تصرف سيء يقوم به ، يشعر بالاستفزاز والدهشة ، فهولا يريد أن يسمع إلا كلمات الإعجاب والمديح،لأنه لايخطىء أبداً، ولا يعجبه أحد و يرى نفسه أحسن من الجميع .‏
رأي مختص
تقول المرشدة الاجتماعية ثراء محمد : يبدأ اضطراب الشخصية النرجسية غالباً في بداية الرشد، ويكثر لدى الذكور مقارنة بالإناث حيث إن العامل الوراثي يؤدي إلى الإصابة بهذه الاضطرابات بنسبة 50% ، ولكن وجد أن العوامل الاجتماعية هي الأخرى تبدو مؤثرة ، وحتى هذه العوامل الاجتماعية تأتي متأثرة بشدة بالعامل الوراثي مثل « أنا جذابة وجميلة ولذلك أستحق معاملة خاصة » فالجاذبية والجمال أمور وراثية ، كما وجد أن البعد الثقافي هو الآخر يأتي مؤثراً بدرجة كبيرة ، وللعلاج من النرجسية ، غالباً ما يرفض مريض النرجسية العلاج لذلك يلجأ علماء النفس إلى المحاولة معه بعيداً عن المرض ،حيث يستدرجه ببطء نحو منطقة المرض ،و عندما يتحقق له ذلك يمكن معالجته عن طريق العلاج السلوكي المعرفي و الذي يرتكز على إزالة العادات والمعتقدات و السلوكيات السلبية من داخل الشخص ،مع الحرص على إحلال صفات إيجابية مكانها تساهم في حل المشكلة ، فعلى سبيل المثال نزع صفة الأنانية وغرس التعاون .. الخ ، كما توجد طريقة أخرى وهي علاج الشخص ضمن مجموعة أخرى من الأفراد يعانون من نفس الحالة .‏

القرشي..شعراً..وشاعراً

بقلم: الكاتب عبدالله بن إدريس

243266

 

برحيل الشاعر الأستاذ حسن عبدالله القرشي.. تكون المملكة قد فقدت علماً من أعلامها الشعرية.. ورمزاً من رموز التجديد الشعري فيها.. وصوتاً ندياً من أصواتها التي شنفت الأذن العربية على مدى نصف قرن أو يزيد.. ببوجه الذاتي، ومشاعره القومية؛ والوطنية.. فكم اعتلى من منبر أدبي.. ومهرجان شعري.. داخل المملكة وخارجها..وكم أسمع، وأطرب، وأشجى.. بذوب وجدانه.. ورهافة مشاعره الإنسانية.. وشحناته المتقدة بالهموم الكبرى نحو دينه وأمته ووطنه.وقد تجاوز الثمانين من عمره عند رحيله.. حيث ولد عام 1344هـ 1927م – لا كما جاءت التخبطات في بعض ما كتب عنه نهاية الأسبوع بأنه ولد عام 1934م.
ولتأكيد تاريخ ميلاده: أنه سألني ذات مرى عن عمري فأجبته بأن حفيظة النفوس تقول بمولدي عام 1349هـ وأنا أرجح أنني قبل ذلك بسنتين أي 1347هـ قال: أما أنا فأجزم أني أسن منك حيث ولدت عام 1344هـ وكنت أتوقع أني أسن منه..!لقد ملأ الراحل الصديق هذا العمر المديد – نسبيا – بما أنتج وخلف من آثار شعرية ونثرية.. ستبقى شاهداً على إسهاماته القلمية في خدمة دينه وأمته ووطنه.. وفي خدمة الأدب، والشعر منه بخاصة.
شعره:
شعر الأستاذ حسن القرشي ذو مناطات.. ومنطلقات مختلفة ومتنوعة.. ككثير من الشعراء الشموليين.. الذين يسرجون خيول خيالاتهم وإبداعاتهم في فضاءات الحس النفسي.. وارتفاق مرايا الحياة التي تعكس ما لا يحصى من صورها المختلفة الألوان والأبعاد.. منها المشرق في ذاته.. وفيها المعتم بتأثير غيرها فيها..!
في ديوانه (زحام الأشواق) والذي أرخ إهداءه إلي بـ29-2- 94م مع كلمات عطرة نفحني بها.. تدل على خلقه النبيل، وسمو نظرته نحو أصدقائه ومجايليه في هذا الديوان ثلاث قصائد تخرج عن إطاره العام.. هي (مع القمر) ومرثيته في (الشيخ علوي مالكي) ومرثيته في (علي باكثير – رحمهم الله جميعا) أما ما عدا هذه القصائد الثلاث.. فهي (الوجدانيات) التي جعلها مقطوعات.. منها الطوال نسبياً ومنها القصار.. وكلها تدور حول الحب والأشواق الملتهبة.. والهوى والعتاب والشباب…!
وفي رأيي – وقد قلت هذا في أحد كتبي – أن شعر الغزل هو الذي يدل على شاعرية الشاعر.. ومن لا يجيد شعر الغزل فحري به أن لا يجيد ما سواه.. وشاعرنا القرشي من أجود من يصوغ بسمات الحب.. وترانيم الهوى..وليس بالضرورة أن تكون همهمات الحب والعشق والهوى ذات منطلقات محرمة.. إذ قد تكون القصيدة الغزلية الجميلة في رفيقة الدرب.. وشريكة الحياة (الزوجة) ولمَ لا.. وهي التي.. والتي..!
ومن مقطوعات شاعرنا القرشي في هذا المجال مقطوعة بعنوان:(نقش النار): (زحام الأشواق) ص46.
أو تخشينني..؟ عداك الوجيب
كيف تخشين مِن هواي هروب؟
علقتك الضلوع قبل الحنايا
وتنادى الفؤاد أنتِ الحبيب
كل عمري مطيع قبل حُبِّيك
وشعري مروع منهوب
كل رسم في القلب ولّى ليبقي
في فؤادي رسمٌ وحيدٌ يلوب
نقشت رسمك المحبب نارٌ
هي الشمس نورها مشبوب
أو تخشينني وقد قيدتني
عينُكِ البكرُ فالمحب سليب؟
من يدرس شعر حسن القرشي.. أو حتى من يقرؤه قراءة فاحصة.. وبحاسة ذوقية.. يجده لوحات تعبيرية متناسقة أسلوباً وصياغة.. وان تفاوتت محتوى ورؤى.. وليس شرطا للجودة أن تكون كل لوحة زاهية الألوان.. فقد تجد الزاهي كما (روضة خريم) بعدما تسكب السحب دموعها عليها بغزارة ويؤدي جمالها الربيعي كامل معنى الجمال.. وقد تجد فيها الألوان المحروقة.. والصحارى القاحلة..!
فالشاعر المنفتح على جميع الأطياف هو الذي يلتقط صوراً متنوعة ومختلفة من مشاهد الحياة الحسية والمعنوية.. غنية بالنغم المطرب او النغم المشجي.. وهذا ما يتكىء عليه شعر فقيدنا القرشي في غالبية شعره.وليس تفاعله بقضايا أمته وأحداثها المؤلمة.. بأقل من تفاعلاته الوجدانية والعاطفية.
فهو حين يقارب بين ماضي العرب والمسلمين غابراً وحاضراً.. يكاد لشدة تألمه أن يختنق لفداحة ما آل إليه حال هذه الأمة من ضعف و خور وانخذال واستكانة لأعدائها:
(أغَصُّ أغَصُّ ان ذكرت لنا أمجاد ماضينا
خوِينا قد تجمد دمعنا عدنا ملايينا
ملايينا من الأشباح تُسقى اليأس غسلينا
كأن (محمداً) و(الهدى) ما مرَّا بوادينا
كأن الفتح فتح الأمس حلم في مآقينا
كأن علوج (إسرائيل) تعشقهم روابينا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

محمد عبد الوهاب الأمير

بقلم: الفنان أكرم ميخائيل اسحاق

4545

شخصيات من بلدي الممثل المسرحي وعازف القانون الأول محمد عبد الوهاب الأمير /1939 ـ 10/4/2014/ وداعاً
هكذا هي الدنيا تعطي وتأخذ وكلاً في عمله يذكر رحل الفنان الحموي محمد عبد الوهاب الأمير الذي عرفه جمهوره من خلال مشاركته في العديد من المسرحيات وتمثيل فيلمين اثنين هما / الترحال ـ والطحالب/.
أما الشهرة الفنية التي كانت تطغى على أعماله المسرحية عزفه الفريد على آلة‏
القانون حيث كانت له مشاركات في المهرجانات التي تقام في حماة عامة وله الكثير من الألحان منها أغنية ياقلبي خلصناـ غناها لأول مرة الفنان نادر حداد عام 1970 بعده قدمها المطرب مازن السفاف ـ كما قدم لحناً للمطرب اللبناني وليم متى.. ولحن أغنية بعنوان / لاتشكيلي ببكيلك / غناها المطرب محمد كبب كما لحن كلمات أغنية / لاملامة ياهوى/ التي غناها المطرب شادي عبد الكريم والإشراف الفني على تسجيل الأغاني كل ذلك لم يثنه عن متابعة أعماله الموسيقية رغم مشاغل الحياة في وقتنا الحاضر.‏
حيث إنه كان رئيساً لغرفة نادي الفارابي الموسيقية لمدة زمنية تزيد عن 30 عاماً سيذكرك الجمهور الحموي كما يذكرك فنانو حماة وبعض المحافظات أنت صاحب الأنامل الذهبية , لقد ربيت جيلاً فنياً سيذكرك مادام وترٌ وإيقاع يرافق الفن العربي الأصيل.‏
رحمك الله أبا عبدو والسلوان لأهل بيتك وأسرتك الفنية.‏
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(بنطلون) دستويفسكي!..

بقلم: الكاتب وليد معماري

4545654566+

عدت هذا الأسبوع لمراجعة رسائل فيودور دستويفسكي (1821-1881)، وخاصة رسائله إلى أخيه ميخائيل.. وهي رسائل سعى الروائي الروسي أن تظل رسائله سرية لما فيها من بوح صادق، وفاضح أحياناً.. وفي كل رسائله تقريباً، كان يعتذر عن تأخره في الكتابة لسبب (وجيه) هو أنه لم يكن يملك (كوبيكاً) واحداً لشراء الطوابع!..
ويعتذر أيضاً من أخيه بسبب تفكك أسلوب رسائله، وعدم ترابطها.. وعلى الأغلب، كلماته المفككة، وأسلوبه الهابط، كان بسبب الضائقة المالية التي كان يعانيها لفترات طويلة من حياته.. وهذا لا يعني أن مردوده، هو، وسواه، قليل من مهنة الكتابة في ذاك الزمن، إذ لم يكن له دخل إلا من تعويضات كتاباته.. إنما لأسباب أخرى يعرفها متابعو حال هذا الروائي الفذ، ومنها (مرض الصرع، والقمار!)…
يقول في إحدى رسائله لأخيه: “لست أملك كوبيكاً واحداً لشراء الملابس”… ويكرر الشكوى في آخر الرسالة: “كيف سأبدو محترماً من دون بنطلون؟!”… ودوافع (أراها هامشية) لكتاباته، لم يكن المرض والعوز وحده الدافع للكتابة.. بل نيران الإبداع المختزنة في براكين موهبته الاستثنائية..
وقد تعمدت، بدايةً، تثبيت تاريخ ولادة ورحيل دستويفسكي، لأقول إن كاتب تلك الأزمان، كان بإمكانه العيش من التعويض المالي مقابل إبداعه.. وأنطوان تشيخوف، الطبيب، كان أيضاً يعتاش من كتاباته، ليعالج فقراء قريته مجاناً..
وما يحصل عليه الكاتب من كتاباته في العالم المتقدم يكفيه لأن بعيش من قلمه.. والفرق شاسع واسع، بحيث يغدو عدد الكتاب الذين يعيشون في منظومة (بلاد العرب أوطاني) لا يعتاشون من إبداعاتهم، إلا في حالات نادرة جداً.. وفي هذه الحالة لا بد من ارتباط الكاتب بوظيفة (أميرية) تؤمن انتظام وصول رغيف العيش له ولأطفاله… وطالما قارن كتاب عرب كبار بين دخولهم المالية من اقتراف الأدب.. وبين ثلاث هزات خصر من راقصة، في ليلة واحدة.. ومنهم على سبيل المثال، نجيب محفوظ، صاحب نوبل، وقد أمضى جل حياته موظفاً..
والمقارنة مجحفة حقاً، لأنها لا تأخذ بالجدوى الاقتصادية لكلا العملين.. الأدب كسلعة شبه كاسدة.. والرقص كسلعة رائجة للباحثين عن خدر لآثامهم الصاخبة.. وليس ثمة ما يعزّي متصوفة الأدب سوى قول الشاعر عمر أبو ريشة:
شَرَفُ الوثبةِ أن ترضى العُلى/ غـَلب الـواثبُ أم لـم يغلبِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

رؤية وسيرة في جلسة حوارية مع السيدة جوزفين سليمان مقدسي

بقلم: اللجنة الإعلامية

20140428_202545نسخ [640x480]

1- سيرة ذاتية وعائلية ومهنية وتعليمية :

أنا من مواليد 1931م عندي سبعة أولاد (ثلاثة ذكور و أربعة اناث ) , عملت ست بيت وساعدت زوجي في الزراعة وتعلمت حتى الصف الثالث ولكن قرائتي جيدة وأطالع في أي كتاب أريده , وقرأت الكثير من الكتب والقصص لذلك بذلت جهدي لأعلم أولادي شحود وعزيز وتعلموا البنات وتابعوا حياتهم بشكل ممتاز …

الفنان مظهر برشين شعلة لم تنطفىء

بقلم: أسعد مصيوط

331

الفنان مظهر برشين شعلة لم تنطفىء

ولد هذا الفنان والرسام والنحات في قرية أيو قرب حماه عام 1957م –1995 م , التحق بكلية الفنون الجميلة 1975م ,َ وتخرج منها من قسم النحت عام 1981م – 1982م , وكان في عائلته مثال الأدب والأخلاق …
كان يتخذ في فنه قولا” مشهورا” لبوذا: (( من أراد أن يتعلم النحت 2عليه أن يتعصلم الرسم والموسيقا والرقص لمعرفة نحت التواءات الجسم وعليه تعلم الفلسفة والإلمام بالتاريخ )) ..
وضع فناننا المبدع هذه التضحية لبوذا نصب عينيه ووضعها كثير من الفنانين مثله ..
مرّ أبوجابر ( مظهر ) بمرحلة قلقة حيث كان موزعا” بين مشاكل الحياة وأحلام الفن الجميل الذي فطر على حب النحت ولكن تلاشت هموم الحياة وارتمى بثقله على الفن التشكيلي
وقد تأثر بعميد النحاتين السوريين سعيد مخلوف وامتزج فنه بفن رفاقه في الكلية أمثال : أكثم عبد الحميد – محمد بعجانو .. وكانوا الثلاثة ينحتون على الخشب وجزوع الأشجار لأنها الوسيلة التعبيرية الأقوى للتعبير عن أفكارهم وفيها خطوط انسيابية لأعمالهم انجذبوا اليها …
أقام المرحوم مظهر معرضا” في دمشق في صالة عشتار 1989م عرض فيه 27 لوحة مجسمة ومنها جداريات نافرة وكانت المرأة العارية محورها الرئيسي …
وقد مرت عليه فترة انصرف إلى هندسة الديكور في التلفزيون السوري وهذا على حساب مسيرته الفنية

حتى لا نضل الطريق:

بقلم: متابع

choose_a_path12

 

 

جميل أن يسعى الانسان الى هدفه و يخلص في سبيله و يستفيد مما منحه الله من مواهب و يكرسها في الوصول الى مبتغاه, فالانسان الذي لا هدف له هو انسان جامد يعيش في كل يوم كما الذي سبقه فلا تقدم و لا استمراية لهكذ اانسان. و لكن في سيرورة بعض الناس الى أهدافهم تراهم و قد أباحوا لأنفسهم الالتفاف على القوانين “الأزلية” بحكم اعتقادهم الخاطئ بالوصول الى مرحلة تبيح لهم النقاش و الجدل في تلك القوانين و تراهم اعتنقوا ما اعتقدوه وباشروا في التنفيذ و حاولوا التعميم و التبشير بما اعتقدو و عدّلوا و أسقطوا, فكل واحد قرأ كتابا أو كتابين لأحد الفلاسفة المعلمين القدماء أو أحرز تفوقا في احدى “الشهادات الوقتية” بات يشكك و يجادل في وجود الله, و كل مطلع على الحضارة المادية الجديدة التي تجتاح العالم بأفكار مختلفة كليا و عادات متجددة منها الصالح و منها الطالح بات يتنكر لعاداته و بات يرفضها بالاجمال لا بل يتمرد عليها دون دراسة و دون وعي لما يمكن أن يبقى و ما يمكن أن يزول و ما يمكن أن يعدل و ما لا يمكن تعديله و هنا يقع في الخطأ أو الخطيئة التي من أهم مميزاتها أنها تتشعب و تنمو بشكل تراكمي فهي كحريق في غابة سببه عود ثقاب صغير رماه شخص في لحظة تخلف أو غفلة أو ضعف بشري أو غرور أحمق أو عن قصد مدروس, هذا العود يحرق غصنا أو ورقة يابسة و تلك تمتد لغيرها وصولا الى أن تحرق الأخضر و اليابس و هذا هو حال تفشي الفكرة الخاطئة و المدخلات الخاطئة الى أي مجتمع تنطلق من أن يقبل الشيطان على رمي شعلة الخطيئة “الجذابة” في قلب يابس لأحد أفراد المجتمع ليقوم بدوره و بعد اكتوائه بنارها بنقلها الى أمثاله لتتكرس مع مرور الوقت كحالة اعتيادية يتداولها الجميع و يسمرؤون اعتناقها و الانجراف فيها لا بل التفنن و التباهي بها و اختلاق ألوان جديدة منها, و عندما تصل الى ما تصل من دون رادع أو رقيب فانه لا ينفع لاطفاء الحريق الكبير سوى طوفان بحجمه يطفؤ النار و يطهر الأرض و يبعث الحياة الجديدة….و عندها ندرك أنه “طوبى لمن آمن ولم يرى”.
من المؤسف أن التميز و الشهرة تمنح للممعنين في الشر و الخطيئة (بمختلف أنواعها) كما للممعنين في الخير و الفضيلة (بمختلف أنواعها) و هيهات بين الاثنتين, يكفي أن تمارس ما لا يمارسه الاخرين أو أن تحقق ما لا يستطيع الكثير تحقيقه و بشكل مقنع “و القناعة متلونة” و احترافي حتى تفتح لك أبواب الشهرة و التميز ” و ان اختلفت المستويات”. و من المؤسف أيضا أن نجد أن البشر أصبحوا منبهرين بالأضواء التي يصدرها حريق الخطيئة أكثر بكثير من الواحات الخضراء للفضيلة وهنا أسأل للتوضيح: لمن يهلل معظم الناس في عصرنا لعالم أو أديب أو شاعر أم “لنجمة” سينمائية – معنى مجازي يشمل الكثير الكثير– تملؤ الشاشات بعريها “ليس بالضرورة الجسدي” تحت اسم الفن الذي هو بريء منها براءة الذئب من دم يوسف…!؟ و منعا للاصطياد في الماء العكر أقول “اني أعشق الفن بكل فروعه و لكني أعرف ما أعشق”… و من هنا يظهر أن الانبهار بحد ذاته ليس المشكلة لا بل خلط المفاهيم و الاعجاب بالخطيئة و الاعتقاد بصوابيتها اذ أنها أتت بنتائج مادية لأناس كثيرين و ليتهم يعرفون “ما معنى مادية”….و ليتهم يعرفون أن اليهود ظنو أنهم تخلصو من المسيح بصلبه, و كان نجاحهم هذا زائف وقتي انتهى بمجد قيامته… و ليتهم يعلمون أن (الأشرار كالدخان الذي يرتفع و يتسع رقعته و في كل ذلك يتبدد) يقول القديس أوغسطينس…